كل الايديولوجيات (السرديات، العقائد، الافكار الكبرى، النظريات الكبرى) استهلكت، إلا الاسلام كان وما زال وسيبقى إيديولوجيا حية متجددة، ينقرض في زمن ما دعاتها بحكم العامل البيولوجي، وتختفي الكيانات السياسية والاجتماعبة التي انبثقت عنها في زمن ما، بفعل عدم حاجة المجتمع لوظيفتها الاجتماعية(السوسيولوجية) التي لأجلها أنتجها، أو بفعل انحرافها عن وظيفتها الاجتماعية، أو عدم قدرتها على إثبات فاعليتها .... يحصل كل ذلك دون أن يمس من الاسلام كقوة تغيير وطاقة تجديد وتجدد .
أما السرديات الثلاث، منتج عصر الحداثة الغربية وهي القومية والليبرالية والاشتراكية فقد فشلت فشلا ذريعا في أوطاننا وفقدت مبرر وجودها وقدرتها على التجدد. واندمجت في مرجعيتها الكبرى وهي المنظور المادي للكون والحياة.
وحده الاسلام عصي عن الذوبان والتحلل، حي دائما، متجدد دائما، فاعل دائما، ... وهو يستمد قوته وحيويته من نصه المؤسس ( القرآن)، نص ثابت ولكن محتواه في حركية دائمة وتجدد دائم كما هي الحياة ( فكرة محمد شحرور)، لأن منزله هو من خلق الكون القائم على الحركة والتجدد، والقرآن أحد "مخلوقاته".
وفي تناقض تام مع المنظور العلماني القصووي للدين، كان الاسلام وما يزال وسيبقى هديا للانسان في جميع أوضاعه، ومنها كل ما له علاقة بالننظيم الاجتماعي، وفي القلب من ذلك كل ما له علاقة بالسلطة ...
ومن هنا تبدو مقولة "الاسلام السياسي" مقولة هجينة، مستوردة من عالم آخر، وتجربة أخرى بعيدة كل البعد عن طبيعة الاسلام.
لذلك سيبقى المهوسون والموتورون يبشرون بهزيمة "الاسلام السياسي"، ويبقى الاسلام يمد امتنا بقوافل الحركات والمفكرين والمصلحين، الذين ينطلقون من الاسلام كمرجعية للتغيير والإصلاح. وهي قوافل تمد بعضها بعضا بالمدد، الذي سيؤهل أمتنا في لحظة مقدرة، تستوفي بها شروط التربع على دورة حضارية جديدة، يتحقق فيها المعنى الحضاري للتوحيد، الذي يلتقي مع معنى التوحيد الإلهي.
"وأن هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون".
تاريخ أول نشر 2023/9/9