search

الاتجاه الاسلامي في الحركة الطلابية وفلسطين

في المؤتمر الثالث للإتحاد العام التونسي للطلبة حل بيننا وفد طلابي كريم برئاسة الأخ إبراهيم عبدالحفيظ مسؤول القطاع الطلابي في الجبهة الاسلامية ...

الحركة الطلابية السودانية ولا سيما قطاعها الطلابي كانت لها أفضال على الحركة الطلابية التونسية ولا سيما على الإتجاه الاسلامي في الحركة الطلابية التي استلهمت من تجربتها الكثير على مستوى الرؤية والتخطيط وخاصة وسائل العمل الجماهيري كعقد التجمعات الطلابية والمجلات الحائطية والأنشطة الثقافية .... فقد كان لزيارة المرحوم عبدالرؤوف بولعابي المبكرة للسودان دور كبير في تطوير وسائل العمل الطلابي الجماهيري مما لم تعهده الحركة الطلابية التونسية.

أعود للوفد السوداني الذي وجد الحركة الطلابية التونسية وعلى رأسها الاتجاه الاسلامي الذراع السياسي والاتحاد العام التونسي للطلبة الذراع النقابي تجربة ملهمة تجاوزت مرحلة "التمدرس" إلى مرحلة العطاء والتميز ...

وكان مما لاحظه إبراهيم عبدالحفيظ موقع القضية الفلسطينية في رؤية وخطاب الحركة الطلابية ... قال لي في ختام الزيارة: للقضية الفلسطينية مكانة في قلوب العرب والمسلمين وعند شبابها وطلابها بدون شك، لكن ما وجدته في تونس وفي الجامعة التونسية لم اره في أي بلد عربي أو مسلم آخر.

"عين الخارج" تكشف لك أشياء قد لا تدركها "عين الداخل" ... ربما لو مكث أخونا إبراهيم أياما وتجاوز أسوار الجامعة لوجد ان الحركة الطلابية على الأقل في هذا الموضوع بنت بلدها تونس التي أشرب أهلها حب فلسطين ولم يفرقوا بين الدفاع عنها والدفاع عن بلدهم المستعمر حيث هبوا للدفاع عنها وسيروا قوافل المتطوعين وأنشأوا مؤسسات جمع المال وإرساله للمجاهدين.

أعود للجامعة وللحركة الطلابية ولقادتها الكبار ونجومها الزاهرة وأقمارها الساطعة الذين نحتوا المعنى وصاغوا المقولات وقادوا التحركات وعقدوا التوافقات، وبنوا في الطابق الثاني المواجه لساحة كلية الحقوق منبرا للحرية والتعايش، وقدموا فيه لمخاطبة الجماهير الطلابية خصومهم قبل انفسهم، واتاحوا فيه حق الاقلية للدفاع عن فكرتها حتى ولو كان عدد أفراد الاتجاه منهم لا يتجاوز اليد الواحد....

في ذلك المنبر أتيح لطلبة الحزب الشيوعي ان يخاطبوا الطلاب وقد كانوا محرومون من حق الكلام أيام سطوة الهياكل النقاببة المؤقتة ...

في ذلك المنبر تكلم الأوطاد بكل فصائلهم وخصصوا كلماتهم للسب والتجني والافتراء على الاتجاه الاسلامي الذي منحهم فرصة مخاطبة الطلاب بما لم يقدروا طيلة تاريخهم على القيام به ...

في ذلك المنبر أتيح لهم ان بتكلموا جميعا وقد كان ذلك مستحيلا من قبل ... فمن يستولي على منبر أول عمل يقوم به هو إقصاء غيره ....

في ذلك المنبر أتيح للقوميين أيضا ان يخطبوا خطبهم العصماء وقد كانوا لا يقدرون على أكثر من حلقة نقاش .....

كل ذلك الانجاز العظيم الذي تنكر له الجميع وحاولوا ولا يزالون طمسه ... بل إنهم وصلوا إلى حد أن جعلوا بعض ابناء الحركة الاسلامية يشككون في مفاخرهم ... كل ذلك وقف وراءه طلاب وطالبات بذلوا من اموالهم ومهجهم وحتى دراستهم ومستقبلهم ... كانوا جنودا مجندة ...

كانوا عقولا جبارة منفتحة على كل جديد ومتفاعلة مع الاحداث بما تقتضيه ... كونوا ذلك المشروع النهضاوي التونسي المميز ... مميز في عالم الاسلاميبن ومميز في عالم التونسيين... جمع في ثقة بين ما تقتضيه الأصالة وما تقتضيه الحداثة ... وأهم ما فيه انه مشروع منفتح وغير منغلق .... فيه مكان دائم التجديد ... لا بل إنه في تجدد دائم لدرجة ان يراودك سؤالهم: ما الثابت عندكم؟ ولا يستحيون أن يجيبوك: الثابت عندنا هو الحركة ... وإنما الكون حركة .... هكذا كتب زعيمهم في بواكير كتاباته ...

اليوم يوجد خلف قضبان سجن الانقلاب ثلة من أولائك الزعماء الكبار الذين صنعوا مع إخوانهم مجد الجامعة التونسية ... ومجد تونس ....

هناك يختطف الهيثم العجمي الوريمي) نجم التحركات الطلابية الكبرى وجسر الحوارات مع الد الخصوم بل الأعداء ...

وهناك يختطف عبد الكريم الهاروني مؤسس الاتحاد العام التونسي للطلبة ... لسان الصدق الذي تشرئب الاعناق لسماع بيانه السلس وحجته الدامغة ...

وهناك يختطف عبدالحميد الجلاصي عقل الادارة المثقف

وهناك يختطف "فؤاد" وما ادراك ما فؤاد .... نورالدين البحيري الذي قاد الاتجاه الاسلامي في الحركة الطلابية في مرحلته الثانية بعد كوكبة بولعابي وصحبه .....

أعود ..... هؤلاء الرجال البررة .... منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ... كانوا مرابطبن مع أهل الرباط ... وكانوا مجاهدين بالوعي والقلم والحركة ... يدافعون عن فلسطين كما يدافعون عن تونس ... ولم يكن عجبا ان قال لي مرة أحد الأخوة الفلسطينيبن أننا استلهمنا من انتفاضتكم ضد بورقيبة سنة 87 طرقا للنضال في انتفاضتنا المباركة في موفى تلك السنة.

لو لم يكن للحركة الاسلامية شرف واحد غير شرف حمل قضية فلسطين لكفتهم ...

منذ أيام قليلة انتشر فيديو للمرحوم المفكر والمربي العراقي محمد أحمد الراشد يقول أنه لما سجن في الامارات سنة 94 - 95 سأل الضابط: أنا من الاخوان المسلمين ماذا فعلنا لكم ولماذا تسجنونني؟ فرد عليه الضابط: نحن لا نسجنك لأنك من الاخوان المسلمين بل لأنكم ضد التطبيع وضد مسار السلام الذي اتفق عليه الجميع وأنتم ترفضونه ....

تاريخ أول نشر 2024/10/21