حدثني صديق كان لسنوات من الكوادر الادارية الرئيسية للاتحاد ان النهضة وقفت مع الاتحاد في معركته مع النظام سنتي 85 و86 . وقد تجاوزت مساندتها الجانب المعنوي والمساندة الميدانية عبر الكوادر النقابية القريبة منها في هياكل الاتحاد الى المساندة المادية من خلال رعاية اسر النقابيين المعتقلين أو المطرودين .
نفس الصديق اكد انه لعب مع كثير من كوادر الاتحاد النقابية والادارية دورا محوريا في إقصاء الاسلاميين من الوصول للمكتب التنفيذي والهيئة الادارية للاتحاد في مؤتمر سوسة 88. يرى الصديق ان السياق في تلك الفترة لم يكن يسمح باتخاذ موقف مختلف.
منذ جانفي 78 تغيرت رؤية النهضة ( الجماعة الاسلامية والاتجاه الاسلامي سابقا) للعمل النقابي وللمسالة الاجتماعية عموما وكانت قبلها محاولات محدودة وجزئية بدأها المرحوم صالح كركر . مثل جانفي 78 زلزالا في وعي الاسلاميين انطلقوا إثره في صياغة وعي جديد واهتمام نظري وعملي بالمسالة الاجتماعية ثم انخراط فعلي عملي وميداني في المنظمة ومناصرة غير مشروطة لبرنامجها وقيادتها خاصة بعد اعتقالات 81.
وقد لعبت الكوادر النقابية الاسلامية دورا كبيرا حتى في بلورة الرؤية السياسية للحركة على مستوى البرنامج وعلى مستوى ادوات الفعل السياسي من خلال الادوات النقابية في التكتيك والتحالف والتفاوض.
بقي تقدير النهضة للاتحاد ولمكانته ودوره قائما حتى خلال حكم بن علي وكانت تفرق بين البيروقراطية النقابية وبين الاتحاد في رسالته ومكوناته ومعتبرة ان ما يسمى بالخط العاشوري يبقى هو المستأمن على الاتحاد.
لا تنكر النهضة ان الاتحاد كقواعد واتحادات جهوية ونقابات اساسية لعب دورا مهما في احتضان بدايات الثورة وكانت مظاهرة صفاقس منعرجا حاسما.
الذي خلخل العلاقة وادخل الاضطراب الكبير هو سلوك الاتحاد مع حكومة الترويكا.
ذلك الاضطراب كما حدث في العلاقة بين الاتحاد والنهضة انعكس أيضا داخلها فانشقت رؤى النهضة نصفين : شق رسمي لا زال على موقفه القديم وشق آخر ضاق ذرعا باتحاد تحول الى خنجر مسموم في خاصرة الثورة.
يبدو ان النهضة لم تدرس المسألة بعمق وغلب على موقفها التصرف شبه التلقائي والجري وراء الأحداث .... ما حصل مع الاتحاد شبيه بما حصل مع غيره من الكيانات التي كانت تعتبر الحليف الموضوعي للنهضة والتي انفرط عقدها أو ابتعدت عنها وسط ذهولها ولهثها وراء الأحداث.
تاريخ أول نشر 2022/6/4