أعود لأكتب عن الاستعمار اللغوي الفرنسي الذي لم يبرح بلادنا واستمر على حساب لغتنا وعلى حساب اللغة الانجليزية التي هي لغة العلم والتكنولوجيا والمال والأعمال .... ما نراه في تونس شيئ مفزع ومقرف .... نكوص رهيب ومريب عن فترة السبعينات والثمانينات التي شهدت جهودا كبيرة للدفاع عن التعريب وعن اللغة العربية .... لا بل ان تلك الجهود استمرت حتى فترة بن علي الذي كان يمنع فيها الحديث بالفرنسية في وسائل الاعلام المرئية والمسموعة وكذلك كتابة لافتات الاشهار .... ردة غريبة ورهيبة .... لا تفسير لها الا تغلغل الاستعمار الفرنسي في مفاصل حياتنا وعقدة النقص التي تكبل فئة من نخبتنا المارقة عن هويتها واصالتها بل حتى عن حداثة حقيقية مرتبطة بادوات العصر الحقيقية ومراكز التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي التي تحرك دفة العالم والتي تسيطر على فرنسا ذاتها ....
تعليم مفرنس بشكل شبه كامل وثقافة تسيطر عليها الدوائر الفرنسية وادارة لا تكاد تكتب بالعربية اي شيئ وعالم المال والاعمال مثل ذلك .... اي هول أكبر من هذا ؟ واي تخلف أكبر من هذا ؟ وأي هوان أكبر من هذا؟
لغة بكل المقاييس الموضوعية انحسرت مكانتها ولم تعد توفي باحتياجات اصحابها الفرنسيين ذاتهم وتفرضها على بلداننا وتجعلها واقعيا اللغة الاولى!!!
كل الدراسات التربوية الجادة لا تنفك تؤكد الخلل النفسي والتربوي والعقلي الذي ينشأ عن اهمال اللغة الام وتعلم لغة بديلة عنها .... وجزء من التدني الرهيب لمستوى التعليم عندنا مرتبط بهذه الازدواجية المقيتة التي في برامجنا التعليمية وكانما هي خطة لتدمير اجيالنا .....
ما معنى ان 99 بالمائة من برامجنا ومنظوماتنا الرقمية الادارية بالغة الفرنسية ؟؟؟؟
انه الانهزام والانسحاق الحضاري أمام مستعمر فقد مكانه حتى في سلم الدول المتقدمة ولم يبق له الا التمعش من مستعمراته التي لم يتركها الا بوجهه الظاهر ....
ان صورة تونس وكذلك المغرب والجزائر وربما موريطانيا صورة فاضحة مذلة .... لا تجد دولا تحترم نفسها وتسلم نفسها بهذه الصورة المهينة ....
اين هي شبكات منظمات المجتمع المدني المتخصصة في مجال التربية والتعليم ؟ اين هي الاحزاب الاسلامية والعروبية والوطنية التي طالما دبجت برامجها بالدفاع عن التعريب ؟ لقد احتفت حتى تلك الدعوة من برامجها !!!
مؤسف أن نجد أنفسنا بعد 70 عاما من الاستعار المباشر مستعمرين لغويا كما كنا بل اشد .... مؤسف ان تتخلى نخبنا على جهودها التي بذلتها عشريتين كاملتين لنجد انفسنا في وضع لغوي اشد وانكى .... ضيعنا لغتنا ولم نحفظ لغة العصر الانجليزية وارغمنا المستعمر على حفظ لغته التي لم يعد يعتمد عليها هو في تعليمه ومراكز بحثه العلمي والتقني وعالم ماله واعماله .....
تاريخ أول نشر 2021/9/20