search

الانقلاب وتداعياته ( 16 ): عامان من عمر الانقلاب ...

كتبنا كثيرا حول الانقلاب، من حيث إرهاصاته وبواعثه ومبرراته الموضوعية وتداعياته ومقاومته ... موظِفوه وموظَفوه... سحرته ومسحوروه.... راكبوه ومركوبوه ... من سخر نفسه لخدمته ومن توهم تسخيره لنفسه ... من تواطأ معه ومن تواطأ له ...

كتبنا عن قوى مقاومة شتت شملها رغبا ورهبا ... وكتبنا عن إنقلاب فضح نفسه ... وأربك مسيرته .... وأوهن نفسه بنفسه .... وأعطى لقوى الثورة من الفرص لإسقاطه ما لم تستطع القيام به تجاهه ...

لم يقصر الانقلاب في نزع مبررات قيامه الموهومة، ولم يقصر في تصعيد الأزمة إلى أقصاها، ولم يقصر في القيام بكل ما من شأنه تفنيد وعوده وضرب ادعاءاته ...

كان يتعرى كل يوم ويزداد مع الأيام تعريا ... لكن خصومه كانوا أكثر تعريا ... ولا زالوا ... لم يفلحوا في جمع كلمتهم، ولا في تقديم نقدهم الذاتي، ولا في تقديم بديل للانقلاب وبرامجه، ولا لما كان قبل الانقلاب ...

ترى ماذا يمكن أن يضيف الانسان في هذه الذكرى ؟

يبدو أن الأمل الذي يمد الناس بطاقة الصبر على تحمل الانقلاب ومآسيه التي تزداد مع الأيام استفحالا، أقوى من الأمل الذي يمكن أن يمد الناس بطاقة الثورة عليه ...

في عامه الثاني تبدو نسبة الناس التي وصلت إلى نتيجة أن الانقلاب زاد وضعها سوء، أكبر بكثير من نسبة من يرى فيه أملا ... لكنها لم تبلغ بعد نسبة من رأوا فيه عشية 25 أملا ... كما لم تبلغ نسبة من كانوا يرون في 24 سبب البلاء ... لذلك يمكن القول أن الاوضاع "تتقدم" من حيث استمرار "الحركة التدميرية" التي يقوم بها الانقلاب ...

يبدو الانقلاب كما لو أوكل له "المجتمع" بالمعنى السوسيولوجي وظيفة "تدمير" كل البنى التي أعطت له منظومة ما عاد قابلا بها، من أجل فتح المجال لبناء لمنظومة جديدة ... فقد استنفد ممكنات الإصلاح في تلك المنظومة، ولم يبق إلا التدمير الذي سيتيح ممكنات "التجدد" بصياغة وتشكيل بنى "فوقية" و"تحتية" جديدة لمنظومة جديدة.

من زاوية أخرى انشغلت كغيري برأس الانقلاب، محاولا تكوين ملف كاف ضاف حوله ... قرأت الكثير، واستمعت للكثير، وحاورت الكثير، وساءلت الكثير، ممن صاحبوه وصحبوه، وخالطوه ودرسوه ... وكانت المحصلة لدي بعد طول ترو، انه مجموع علاقات متشابكة في شخصيته ... نفس ترى أنها مبعوثة العناية الالهية، وشخصية مريضة معقدة مصابة بالتوحد ... كثير من سلوكاته لا تنبؤك إلا عن رجل كذوب ومخادع، ومتورط بل ومتواطئ لتدمير البلد، خدمة لمصالح قوى في الداخل من النظام القديم والعائلات التي تنهب البلاد منذ ما قبل الاستقلال، وقوى خارجية من المستعمر القديم ومن الصهيونية ... هناك تصرفات كثيرة لا يمكن تفسيرها إلا بذلك التواطئ المفضوح ... يبدو الرجل واعيا، من حيث استعمال كل وسائل الكذب والتضليل و"التبوهيل" والتوظيف لمن حوله ... كما يبدو واعيا بعملية توظيفه وانخراطه في مخططات غيره في نهب البلاد وتدمير مقدراتها ومصالحها ومكاسيها ... ليس الأمر بالنسبة لي تحليلا موضوعيا، من حيث أن سلوكه يؤدي إلى ذلك فقط ... لا بل قصده ووعيه في مفاصل كثيرة، يقوم بذلك ومنخرط فيها بحماس ... وربما كان ذلك جزء من طبيعة وتأثيرات ونتائج مرض التوحد المصاب به ...

لذلك فنحن نتعامل مع كاذب ومخادع وخائن ومتواطئ و"متآمر" في المحصلة النهائية ... وهذا ليس سبا في شيئ وإنما توصيفا موضوعيا ...

لذلك أقول أن من قال أنه "لا يصلح ولا يصلح" قد تحدث عن الحد الادنى في وصفه ...

لكنه للأسف باق، ما لم تصبح هذه القناعة هي الغالبة في وعي الشعب والنخبة ....

فلنسقط المنقلب وانقلابه من نفوسنا وعقولنا المتلبسة بالرهدنة، كي نسقطهما في الواقع ...

قدرنا أن نقاوم حتى وإن كان فعل "التدمير" مطلبا اجتماعيا/سوسيولوجيا لم تتم الاستجابة الكافية له بعد ... ذلك أن الجديد دائما يتخلق في رحم القديم أي في رحم نقيضه ... تلك سنة الاجتماع الإنساني بل سنة الحياة ...

هذا ما تعطيه لنا الملاحظة والمتابعة الموضوعية ... أما الاستثناءات أو المفاجآت فلا نستطيع أن نبني عليها عملا. . وقد كان حدث الثورة ذاته خارج توقعات وحسابات ومخططات الجميع تقريبا ...

تاريخ أول نشر 2023/7/25