هذه هي النسخة الثالثة من مشروع خارطة طريق، أقدمه بناء على تطورات الاوضاع، والتي تتسم بتآكل حاضنة الانقلاب شعبيا ونخبويا وخارجيا، بانكشاف عورته من حيث أنه لم يرم خصومه برذيلة إلا كانت به أوثق وعليه أدل. وزاد عليها رذيلة الاستبداد والانتهاك الجسيم للدستور والجهل المدقع بنواميس الدولة وبفقدانه لمشروع بديل.
بعض الاصدقاء ينتظرون استفحال الوضع الاقتصادي، ويأملون في انفجار أعمى للشعب، وهذا في تقديري محذور لا يجب ان نترك الفرصة للانقلاب أن يقودنا إليه. علينا أن نلتقط الثمرة قبل سقوطها على ارض وحلة. وهذا دور النخب احزابا ومنظمات وجمعيات ومثقفين واتحادات شبابية وطلابية.
لقد اسرع الانقلاب وجنى على نفسه من خلال فرض تحقيب جديد لمفاصل زمنه، فقد قضى بنفسه على "لحظة 25" من خلال "لحظة 22" لتتحول التموقعات ويعاد ترتيب المشهد، من حيث كان "ما قبل وما بعد 25" الى "ما قبل وما بعد 22" ، وليتمحور حول الدستور والشرعية الدستورية باعتباره الفيصل في أي تمش للاصلاح.
لا استهين بأهمية التفاوض بين قوى الشرعية والدستور، ولا بأهمية تموقع جيشنا الجمهوري وأمننا الوطني في وضع الدفاع عن الدستور، باعتباره التجسيد الرمزي للدفاع عن الوطن، لكنني أرى أن أي حركية تفاوضية في اتجاه استعادة الشرعية يجب أن تكون محمية بالحضور المواطني في الميدان .... لا بديل عن احتلال الساحات ... فالساحات هي التي تحمي المفاوضات وهي التي تشجع الجيش والامن على التمسك بالشرعية الدستورية والانظمام لمطالب المواطنين.... لا يجب أن يترك الموطنون الساحة، ويجب أن يتحملوا المرحلة الاولى من رد فعل الجيش والامن ألا وهي تطبيق الاوامر .... لن يتراجع جيشنا وامننا إلا عندما يروا في المواطنين اصرارا وصمودا وتحملا للاذي: من محاصرة الموقع، ومنع تدفق المواطنين، وحتى الضرب والقنابل المسيلة للدموع، وقد يصل للاختطاف والاعتقال ... كل ذلك ممكن أن يحدث ولا يدل البتة على انحيازهما للانقلاب ... صمودنا هو الذي سيمدهم بحبل الخروج عن سلطته واعلاء الدستور عن الانقلاب وحماية الوطن عن حماية المنقلب.
وفي ما يلي خارطة الطريق الاكثر التصاقا بالدستور نصا وروحا:
أولا : العودة الفورية للبرلمان والاجتماع حضوريا في جلسة واحدة يؤمنها الجيش داخل القاعة ويخرج منها من يخالف سيرها العادي بأمر من رئيس الجلسة، ويحرسها المواطنون خارج القاعة.
ثانيا : التصويت على الثقة لرئيس البرلمان.
ثالثا : انتخاب رئيس جديد إن لم يحز الرئيس الحالي على الثقة.
رابعا: التصويت على عزل رئيس الجمهورية لانتهاكه الجسيم للدستور وانقلابه على ارادة الشعب .
خامسا : أداء رئيس البرلمان اليمين امام البرلمان كرئيس للجمهورية وتكون مهمته مقتصرة على الدعوة لانتخابات سابقة لأوانها في ظرف 90 يوما والقيام بالاعمال البروتوكولية وختم القانون او القوانين التي سيصدرها البرلمان في جلسته لاستعادة الشرعية وقبول اداء اليمين والمهام العادية للرئاسة وعدم اصدار اي مراسيم ذات صبغة تشريعية.
سادسا: التصويت على قانون انتخابي جديد يقتصر حاليا على وجود عتبة وعلى تشديد العقوبة في مجال التمويل والدعوة للاستبداد وتمجيده وعلى حياد الاعلام في الحملات الانتخابية وعلى منع سبر الآراء .
سابعا: التصويت على الثقة على حكومة تصريف أعمال لا يتجاوز أعضاؤها 15 وزيرا ممنوعون من الترشح للانتخابات والمشاركة في الحكومة اللاحقة و تنتهي مهامها باجراء الانتخابات وتسليم الحكومة لحكومة تنال ثقة البرلمان الجديد .
ثامنا : تأجيل إعداد الميزانية الى ما بعد الانتخابات، وتسيير الدولة بصفة استثنائية على أساس الحد الادنى في بنود الميزانية التقليدية وارجاء دفع اي ديون لما بعد الانتخابات، ودعوة الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية المانحة والمقرضة وقبلهما رجال الاعمال الوطنيين والقطاع الخاص الوطني لمد يد المساعدة للدولة.
تاسعا : الامتناع عن القيام بأي اضراب في أي قطاع كان وارجاء تنفيذ كل الاتفاقيات لما بعد تشكيل حكومة ما بعد الانتخابات.
عمود هذه الخارطة أن الشر الأكبر هو الانقلاب والمنقلب وأن السلامة حاضرا ومستقبلا في الاحتكام للدستور والاحتكام للشعب صاحب السيادة وأن عورات الدستور و امكانية تغيير بعض بنوده يجب أن تكون بالطريقة التي يتيحها الدستور وأن لا شرعية خارج البرلمان مهما كانت عوراته فهو السلطة الأصلية لأي نظام ديمقراطي وأن عجز البرلمان أو عجز السلطة التنفيذية او إخلالهما بواجباتهما لا يواجهان الا بالعودة للشعب ولا شيئ غير ذلك.