لا ادري كيف خطر لي أن "أقلب الصفحة" وأطل على واقعنا المزري من نافذة أخرى !
بقي السؤال النهضوي الجوهري في عالمنا العربي لأكثر من نصف قرن هو سؤال الأمير شكيب أرسلان المشهور: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟
حاولت تيارات التغيير جميعها الإجابة على السؤال ومن مواقعها الايديولوجية المختلفة والتي باستثناء التيار الاسلامي بحثت عن الإجابة في الغرب ذاته وكل استند الى إيديولوجية من إيديولوجياته : القومية والليبرالية والاشتراكية والشيوعية.
التيار الاسلامي هو الوحيد الذي تحدث عن "حل من الداخل" وحاول منذ نشأته نقديم الحل وتفصيله ... وكان مما كتب في الإطار كتابي القرضاوي :"الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا"و "الحل الاسلامي فريضة وضرورة" ... كان للكتابين تأثير نفسي على أبناء التيار الاسلامي أكثر منه فكري واستعملا لتحشيد الانصار وتعبئتهم .... لكن التيار الاسلامي لم يتقدم كثيرا في تقديم "الحل الاسلامي" ولم يذهب عميقا في تحرير أجوبة منهجية وعملية تظهر قدرته على إدارة الواقع ومواجهة تعقيداته ... لا بل إن التيار الاسلامي لما انتهت إليه قيادة بعض الدول وخاصة بعد الربيع العربي لجأ الى اعتماد "الحلول المستوردة" ليس في واجهتها الايديولوجية بل في أنظمتها في إدارة الدولة والمجتمع .... لم يخرج الاسلاميون قيد أنملة عما اجترحه الغرب لا بل إنهم أظهروا كغيرهم استعدادا لقبول "النصائح الملزمة " لمؤسساته الكبرى السياسية والفكرية ومراكز قراره بما فيها تلك التي تحكم الغرب من وراء حجاب ....
اختفى سؤال أرسلان وبقي ما عنون به القرضاوي كتابه : الحلول المستوردة التي جنت على أمتنا .... هنا يجب التنويه أن القرضاوي ليس من السذاجة والبساطة حتى يعترض على حسن التفاعل مع الغرب والاستفادة من إنجازاته على مستوى الفكر والعمل ...
هكذا نحن الآن أمام حتمية استئناف البحث عن حل يتجاوز الحلول المستوردة التي تأتي "معلبة" في حاويات براقة من الديمقراطية والحوكمة والتنمية المستدامة والحريات الفردية والقائمة طويلة ....
تاريخ أول نشر 2020/7/14