في يوم العربية العالمي تحس بالغبن ... بالألم ... بالقهر ... كيف يهين العرب لغتهم؟ وكيف يهين المسلمون لغة قرآنهم؟ كيف يرضى العرب والمسلمون الحكم على لغتهم بالقصور، وهي التي سادت العالم قرونا، وعلمت الناس "الأسماء" .... وهي التي نقلت للغرب كل العلوم بل حتى ما كتب قبلها من علوم اليونان وغيرهم ... وقد كانت جامعات عصر النهضة الاوروبي لا يعد العالم فيها عالما إذا لم يكن يتقن العربية ...
أفهم أن اللغة ومكانتها تعكس مكانة قومها في العالم، ولكن هل هذا يعني أن تكون مكانتها بينهم أيضا بهذا التدني !!!
لشد ما أحس بالتفاهة، حين أجد بلدا كألبانيا مثلا، لا يتجاوز عدد سكانها الثلاثة ملايين، تعتمد لغتها التي عمرها لا يتجاوز المائة وخمسين عاما كلغة مكتوبة، ولم تصبح لغة رسمية للتعليم والإدارة إلا مع استقلال ألبانيا سنة 1912. وحتى لو سحبتها على كوسوفا وألبان مقدرونا وألبان الجبل الأسود فإنك بالكاد تصل 7 أو 8 مليون ألباني.
لا شيئ يفسر ما نحن فيه من استخذاء، إلا ذلك الانهزام النفسي، وتلك القابلية للاستعمار، خاصة في دول الشمال الافريقي، التي لا زالت ترزح تحت نير لغة يكاد لم يعد لها قيمة حتى عند أهلها وهي اللغة الفرنسية.
ومن أعجب ما سمعت في قيمة اللغة العربية، ما تحدث به المفكر المغربي المقرئ الإدريسي أبو زيد أكثر من مرة، من أنه حدثه أحد الثقات الذي يعمل في أحد مراكز الأرشيف الأمريكي، وقال له أنهم يقومون بترجمة كل وثائقهم للغة العربية، وذلك لأن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة - كما قال له - التي لا يطرأ عليها تغيير مع الزمن يحولها إلى لغة أخرى، كما يلاحظ ذلك في بقية اللغات. ولك أن تأخذ مثلا لغة شكسبير التي كتب بها رواياته، وتحاول قراءتها الآن، فإنك لا يمكن أن تصدق أنها أنجليزية. وهذا عكس اللغة العربية التي لا تجد فيها هذا التغيير الجذري الذي يجعلك كأنك تقرأ لغة أخرى ... ولك في القرآن خير دليل.
لست من أهل الاختصاص حتى أتحدث عن قيمة اللغة العربية ومزاياها وجمالها وعلميتها ... لكنني أقول أن من أذل لغته فقد أذل نفسه، ومن رضي لها الهوان فقد أهان نفسه.