الحديث المتواتر عن بسالة الأسود الذين أوقعوا بعناصر من نخبة دلتا الأمريكية، و قبلهم إسرائيلية، والبارحة اقتحام ضفادعهم قاعدة كيسوفيم وأثخنوا فيها وربما أخذوا أسرى منهم ... هذا الحديث يظلله شيئ من الاستغراب وحتى عدم التصديق عند بعضنا ...
لكنني صدقا لم أستغرب ذلك ... فزيادة على حسن الاستعداد والتدريب، فقد لاحظت من خلال تتبعي للمعارك التي خاضها العرب خلال القرن الماضي في افغانستان والبوسنة والشيشان، أن المجاهدين العرب كانوا أشد بأسا، وأصلب عزيمة، ويمتلكون روحا قتالية استثنائية ... لا بل إن مقاتلي بعض البلدان التي ربما عرفت بنزعتها المسالمة، عرف أبناؤها - الذين التحقوا بمواقع الجهاد - بشجاعتهم واقتحاميتهم مثل تونس، ويكفيك أن بعض حراس بن لادن كانوا تونسيين.
و قد تابعت شهادة بن بلا على العصر، وهو يتحدث عن الدور الذي قام به هو وجنوده في الحرب العالمية الثانية، وكيف أن بسالتهم هي التي قلبت وجه الصراع مع النازية في الحرب العالمية الثانية في معركة فاصلة، مما جعل الفرنسيين يقلدونه وساما.
ما قصدت الإشارة إليه - بقطع النظر عما يمكن أن يثار على الالتحاق بمواقع الجهاد تلك ولا برؤية الملتحقين الدينية - أن العرب وعلى عكس الدعاية المسيئة لهم، والتي عملوا على تحويلها إلى قناعات في أذهاننا، هم رجال مواقف ورجال معارك ورجال مبدأ ... إذا آمنوا بقضية أعطوها أرواحهم ... وليس هناك ذرة شك أن الأساس الديني العميق لشخصيتهم، قد لعب وسيلعب دورا محوريا في مدهم بطاقة الصمود، بل الإقدام بدون تهيب للموت وبدون تفكير إلا في النصر أو الشهادة.
وأن الحقيقة المرة، أن العرب حيل بينهم وبين الجهاد وتحرير أرضهم، بتآمر من حكامهم الذين حالوا بينهم وبين الجهاد وساموهم سوء الخسف والعسف و عملوا على ضرب معنوياتهم وروح النخوة والنجدة فيهم ...
ولكن الأحداث تبين لنا في كل مناسبة، أنهم ينبعثون من تحت رماد التضليل والتشويه والإفساد كطائر الفينيق .
والتاريخ يقدم لنا الدليل أن العرب لم يخوضوا معركة مع المغتصب يوما ما ... إلا ما كان من كتائب الإخوان التي أبلت البلاء الحسن، ثم خذلتهم جيوش الأنظمة، و فرض عليهم فاروق تسليم أسلحتهم، وساقهم للسجون مباشرة، واغتال مرشدهم بعد أشهر .
و اليوم لما وجدت المقاومة في قطاع غزة مساحة كافية من الحرية من حصار الأنظمة بما فيها سلطة رام الله، لم ترهبها قوة العدو، وأعدت له ما استطاعت من قوة، وتقدمت بإيمانها العميق بالله، ثم بالحق في الدفاع عن النفس والأرض والعرض، فصنعت المعجزات التي رأيناها والتي سنراها بإذن الله، حتى النصر المبين.
تاريخ أول نشر 2023/10/25