search

تونس الجميلة التي تفيض بكل خير ... ونحن عنه غافلون...

كان أصدقائي الألبان يرددون أن الله أعطانا كل شيئ إلا العقل ... فقلت لهم أبدأ لم يحرمكم الله من ذلك، بل اعطاكم عقلا استثنائيا يوازي ما حباكم به من خيرات ... ليمتحنكم ... هل تستثمرونهما كما هو شرط استخلافكم أم تبددونهما ... هل تعمرون أرضكم كما دعاكم، أم تعمى بصائركم عن ذلك، وتتصارعون على ما دونها من الفتات الذي يلقى إليكم من أعدائكم ... ألبانيا حباها الله بكل خير، باطن الأرض وسطحها، وموقعا جيوستراتيجيا حيويا ... ومع ذلك يصرخ أبناؤها من الفقر والحاجة، ويتصارعون على القروض والمنح ونهب دولتهم ....

وهل تبتعد تونس والتونسيون عن ذلك ؟ لا ... أبدا ... تونس أرض خير وبركة من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها ... باطنها وسطحها ... بحرها وبرها وجوها أيضا ... والتونسيون رزقوا ما يتطلبه إعمار تونس من عقل ناهض يتقد ذكاء وفطنة ... و من حِكم الله سبحانه أنه لا يبتليك بأكثر مما عندك من وسائل النصر على البلاء ... وذلك معنى الابتلاء ... وعلى ذلك سنحاسب يوم نلقاه ...

صراع مرير ليس بسبب الندرة كما يسوقون، وإنما بسبب ما ركب في طبيعة الانسان من الجشع والحسد والغيرة والاثرة ....

كنت في زيارة آخر الاسبوع المنقضي لولاية جندوبة ... لبني مطير وعين دراهم .... أين تلحظ الفقر في وجوه الناس ومساكنهم .. وكل ما حولهم في الطبيعة لو امتدت له أيديهم لتحول ذهبا خالصا ... فمتى نثمن طبيعتنا ومنتوجاتها الطبيعية؟ ومتى نرى الجمال فيها والخير فيها؟ ....

فعوض أن تمتلئ الغابات بكل مضر من العوادم، وينهب غطاؤها الغابي بكل وحشية، بل وتمتد إليها يد الحرق والتخريب، ويهجم عليها التمدد العمراني الفوضوي والخالي من احترام خصوصياتها، عوض كل ذلك، يمكن ان تتحول الى مراكز سياحية وتخييم تدر على سكانها الخير العميم ... فضلا عن خيرات الطبيعة الاخرى وبعضها تمتد إليها يدك لتلتقطها بدون عناء ...

لا يفتأ اخونا الأكبر الفاضل البلدي ينبه ويحث على هذه المعاني وهو في ذلك محق كل الحق ... وبعض معاني هذا النص استلهمتها منه للامانة، ووقفت عليها عيانا من خلال زياراتي للمنطقة .... وهي مجرد مثال ... فلكل منطقة خيراتها الحسان مهما بدا في ظاهر الطبيعة من القساوة والحرمان ...

تونس تحتاج الشاكرين الحامدين،والعاملين المثابرين، قبل احتياجها للمتعالمين المتفيقهين، فضلا عن السياسويين، الذين لم يفلحوا في شيئ قدر فلاحهم في وضع بلادهم وخيراتها على ذمة ناهبيها من المستعمرين ...