search

حوار ابن عاشور و"ديمقراطية الارستقراطية"

استمعت بانتباه لحوار العميد عياض بن عاشور لإحدى الإذاعات المحلية ... وخرجت منه ببعض الملاحظات رأيت من المناسب تسجيلها أدناه.

بقدر ما كان نقده للانقلاب من وجهة نظر دستورية دقيقا وعميقا، إلا أنه في العمق يعيب على قيس "غشامته السياسية"، حيث أنه لا يعترض على اقصاء النهضة، وإنما يعترض على الطريقة التي يتم بها إقصاءها، فهو يرى انها يجب أن تكون "تذبح وما تسيلش الدم" ....

الحوار يخفي في عمقه مفهوم "أرستقراطي للديمقراطية" .... يعني أننا كنخبة السيستام - ذات الاصول المخزنية المدينية - من يقرر ما هي الديمقراطية الصالحة، وعلينا فقط إحكام طرق تمريرها شعبيا، بحيث لا يستلم الحكم من ليس مؤهلا له اجتماعيا وثقافيا .... وذلك ما اجتهد في القيام به بكل "حرفية واتقان"، حين ترأس الهيئة ذات الاسم الطويل بتدبير مشترك مع الباجي والفريق الذي حوله .... حتى أنه اعتبر أن عدم إصدار العهد الجمهوري الذي كان سيلزم الاطراف السياسية بإطار سياسي وقانوني مسبق غايته تحصين الدولة من "الاختراق" الايديولوجي، يعتبر عدم الاصدار ذلك فشلا بقي يحز في نفسه.

لذلك لم يخل كلامه من التلبيس وتقديم معطيات خاطئة وتحميلها للنهضة من مثل الانتدابات بالالاف، بل وصل الامر الى تلبيس مخز حيث يوحي بان عدم التصويت على اخته سناء بن عاشور تم من طرف النهضة في حين أنه كان بأمر مباشر من الباجي.

لك أن تعتبر هذه القناعات التي عبر عنها بن عاشور مشروعة باعتبار اختلافه الجذري مع "المشروع " الذي يتبناه أو ينادي به الاسلاميون .... فهو ينطلق من رؤية علمانية أقرب للعلمانية اليعقوبية إن لم يكن متماهيا معها .... لكن عليه وعلى غيره أن لا يطالب خصومه بمد رقبتهم له ... ذلك انهم لم يخلقوا للذبح ... هم شركاء في الوطن ... من حقهم أن يقدموا اطروحاتهم وأن يمارسوا قناعاتهم وأن يتقدموا للحكم اذا نالوا رضا الشعب /المواطنين وليس الشعب/النخبة كما يلمح هو.

دائما ما تحاول النفس اخفاء حقيقة مواقفها الايديويوجية، التي هي خليط مركز من الافكار والعواطف الانسانية الطبيعية في الحب والكره، والرضا والغضب، ولكنها مع ذلك تظل هي من تقود الانسان ولا تستطيع إخفاءها المتون والمدونات العلمية والاكاديمية.

ما زلت عند رأيي أن الاسلاميين لحد الآن أثبتوا أنهم الأقدر على تبني الديمقراطية بمفهومها الأصيل القائم على الاختيار المواطني وعلى التوافق على المشترك.

تاريخ أول نشر 2022/5/29