search

خمسون يوما من عمر الانقلاب

لقد بدا واضحا الآن وبعد مرور خمسين يوما على الانقلاب أنه لولا تنفيذ الجيش والأمن لطلبات المنقلب لما حصل شيئ .... انقلاب أجوف لا يحمل مشروعا، وليس له سند إلا من أعداد محدودة من المواطنين، ولفيف من انتهازيي النخبة الذين لا يتصورون لهم مستقبلا عبر الخيارات الديمقراطية الشفافة، فهم لا يتمعشون الا من فتات الحاكم، ولا يحكمون الا من وراء حجابه، وليس لهم سند الا من غض طرفه وتفويضاته، وما يمكنهم اياه من مناصب حساسة يتسللون اليها عبر تواجدهم في بطانة الحاكم بأمره.

انقلاب ليس له من زاد الا الحقد وعقلية الاستئصال .... انقلاب كان من مزاياه فضح كثير ممن ركبوا قطار الثورة "مرسكيين" .... لقد بانت عوراتهم ... وظهرت حقيقتهم ... وظهر طمعهم وخفة عقولهم .... انقلاب السفالة والبذاءة وانعدام الحد الادنى من الاخلاق ... هذا ما ظهر بجلاء بشكل غريب جدا .... لم يحصل ان رأينا انقلابا وانصارا له اوسخ وانذل واوضع مما جاءنا به ..... انقلاب روبوتات العهر والعمالة التي زحفت كالطاعون الجارف على الذائقة التونسية والعقل التونسي والروح التونسية بتمويل افسد خلق الله من بعض دويلات الخليج المارقة ....

أعود لأقول أن على الجيش الوطني وشرفاء الأمن أن يكفروا عن ذنب مساندة انقلاب كالذي وصفت .... وأن ينحازوا لشرعية الدستور والقانون .... وأن يمتنعوا عن توفير الحماية لقراراته غير الدستورية وغير القانونية .... آن لهم أن يرجعوا إلى أصلهم الحقيقي ومكانتهم الدستورية .... جيش لحماية دولة الدستور والقانون والمؤسسات، وأمن جمهوري في خدمة المواطن أولا وقبل كل شيئ، وليس في خدمة الانقلابات وهوى المهوسين بالسلطة الذين انقلبوا على الدستور والقانون و المؤسسات .... على الامن الجمهوري أن يتطهر من خيانة مساندة الانقلاب، وان يتطهر من بعض افراده الذين تحت غطاء بعض ما يسمى بالنقابات الامنية استغلوا الحدث كي يحققوا اغراضهم في تصفية خصومهم السياسيين ... وما هم بخصومهم لو كانوا يعلمون .... على الامن ان يطهر صفوفه من اولائك الذين رحمتهم الثورة ولم يرحموها وما زالوا يحنون الى عهد امتهان كرامة الانسان وانتهاك حقوقه الاساسية والجماعية ....

ايها الجيش الوطني ....ايها الامن الجمهوري .... انتم ابناء الشعب التونسي ولستم ابناء السلطة التونسية كائنة من كانت .... شعبكم التونسي هو الذي يوفر لكم اجوركم من خلال الضرائب التي تستخلصها الدولة منه .... اجوركم ليست منة من الحاكم وانما بدل حماية من شعبكم له ....

ايها الجيش الوطني.... ايها الامن الجمهوري .... لا وطن آمنا بدونكم ولا حدود آمنة بدونكم .... انتم شرفنا وعزنا .... فلا تخدعونا فيكم ولا تنخدعوا بغيركم كائنا من كان ....

ايها الجيش الوطني .. ايها الامن الجمهوري .... الحاكم كائنا من كان أجير مثلكم في دولة الحق والقانون .... يحكم باختيار الشعب ويأخذ راتبه مما يدفعه الشعب من ضرائب .... كلكم وكلاء .... لستم مفوضون تفويضا مطلقا ...... ولا يمكن لكم ان تمنوا على الشعب أنكم تخدموه ....

اخيرا يا ابناء جيشنا الوطني ... ويا ابناء امننا الجمهوري ... انتم ابناء الشعب .... انتم ابناء كل فئات المجتمع .... ابناء كل الجهات .... ابناء العامل والفلاح والصنايعي والموظف .... فلا تخذلوا اهلكم وتخدموا حاكما بأمره استبد به هواه .... وتصور انه مبعوث العناية الربانية أو انه العناية ذاتها ..... تجاوزوا خطيئتكم والخديعة التي وقعتم فيها ... وعودوا لموقعكم الطبيعي حماة للوطن والمواطن وليس للحاكم وطغمته .... عودوا والوطن غفور رحيم .... عودوا والتونسي غفور رحيم ...

تاريخ أول نشر 2021/9/14