search

شهر كامل على حرب الإبادة ... أين نحن منها؟

شهر كامل من حرب الإبادة المتصاعدة على غزة، لم تحرك في من حولها إلا خطوات اعتذارية محدودة ... لم يكن كل ذي عقل ينتظر في الرسميات العربية أن تتجاوز حدودها كل في مربعه ... المطبع بالطول والعرض ... والمطبع "تحت حس مس" و المطبع بشكل غير مباشر ...

كان هناك بصيص أمل في الشعوب، التي يمكن أن تمارس ميدانيا ضغطا على حكوماتها وربما تمردا عليها ... لكنها تحركت في حدود المسموح به ولم تتجاوزه ... ولا أدل على ذلك من عدم القدرة على تحويل وقفاتها ومسيراتها إلى اعتصامات في الساحات كما طلبت المقاومة مرارا وتكرارا ... الحكومات التي تعرف شعوبها جيدا، وتعرف مدى سيطرتها عليها، سمحت لها في إطار التنفيس بالقيام بما قامت به ... لكنها كانت صارمة في ما عدا ذلك ...

قد يكون المجال الوحيد الذي بذلت فيه الشعوب دورا مهما هو السوشل ميديا حيث قاومت السردية الصهيونية بقدر محترم.

من الواضح جدا أن الشعوب تفتقد طلائعها من الحركات والأحزاب والتنظيمات، التي كان عليها أن تتقدمها وتبادر بالتحركات النوعية ... لقد كانت في مرحلة تشضي و ترهل لا مثيل لها خلال ربع قرن ... فهل يعني ذلك أن المقاومة تقوم موضوعيا بعملية تجريف كاملة لواقع آسن ولفواعل فقدت القدرة على الفعل ونضبت سردياتها ومبررات وجودها؟

قوى المقاومة وخاصة محورها الشيعي، من إيران إلى حزب الله إلى اليمن، تحركت وتتحرك بحسابات دقيقة شعارها : أن أوجد بالقدر الذي لا يجعلني خارج هذا التحول الكبير، ومن دون أن أورط نفسي في معركة لم أخترها، ولا أضمن خراجها، ولا أتحمل تبعاتها على مشروعي كقوة إقليمية، حققت اختراقات ميدانية في العالم السني غير المضمون، ولا يجب التفريط فيها.

تركيا التي تدرك قيادتها أن المعركة معركتها، لكن منطق الدولة ومصالحها وحساباتها الجيوستراتيجية، تحضر لديها بقوة أكبر من حسابات المبدأ والانتصار للحق وعدم خذلان أهل غزة ومقاومتهم.

حركة الإخوان كتيار عام وليس فقط كتنظيم، الذي تعتبر المقاومة في غزة أحد أضلاعه، وخراجها عائد إليها لا محالة، أنهكتها الضربات المتتالية في كل موقع وفي كل قطر، وبدت أنها أعجز من أن تناصر المقاومة، أو تلتقط اللحظة لتستعيد موقعها.

يبدو الأمر معلقا بيد المقامة على الأرض وعلى صبر أهل غزة.... و على الضغوطات التي يمكن أن تمارسها الشعوب الغربية على حكوماتها من أجل فرض وقف لإطلاق النار إنساني على الأقل ... وأهم من ذلك حجم الألم الذي يصيب العدو ويفرض عليه التوقف لإنقاذ نفسه من الانهيارات التي يعانيها على أكثر من صعيد.

زلزال 7 أكتوبر قد أحدث ما تحدثه "الكوارث الطبيعية" من موت كائنات حية، وتغيير في مورفولوجيا الأرض وباطنها، ومن عملية تكيف لمن بقي على قيد الحياة مع الواقع الجديد، وذلك بعد استقرار الأرض، وتوقف ارتدادات الزلزال ....

وسواء حققت المقاومة مبتغاها، وأقله تبييض السجون وفك الحصار على غزة و هو الحد الأدنى، أو لا سمح الله لم يحقق ذلك. فإن الزلزال الذي أحدثته في القلوب والعقول لن تمحى آثاره ... فقط ربما سيحتاج بعض الوقت لبناء سردية مستقبلية عليه، تنتجها عقول قادرة على استخلاص الدروس وبناء الحلم الحضاري، الذي يتجاوز ركام حضارة استسلم لها العالم استسلاما شبه كامل حوالي قرن، فلم تنتج له غير الخراب القيمي والمادي، برغم ما حوته مما سهل على الانسان تطويع الطبيعة ولكنه انتهى بالتهامها وتدميرها.

وإذا كان علينا أن لا نستبعد كل الاحتمالات، إلا أننا مع ذلك نرى وعد الله بالنصر قد بدأت تباشيره، وأن صلاة في ألمسجد الأقصى لم تعد حلما بعيدا ...

"إن موعدهم الصبح ... اليس الصبح بقريب".

تاريخ أول نشر 2023/11/4