search

عشر سنوات لم تغير الخارطة السياسية إلا قليلا

عشر سنوات لم تغير الخارطة السياسية إلا قليلا ... ولا كأن ثورة مرت من هنا !

عشر سنوات أكلن ما قدمنا لهن مما حصدناه من حرية، وما خلنا أننا غرسناه من نصوص ومؤسسات دستورية ومدنية... لا شيئ في المحصلة تحقق ... التنازلات أسيئ فهمها والتوافقات أسيئ استعمالها ... دموع الندم والفرح الكاذب، تحولت الى دموع تماسيح وإلى نفاق أسود .... عدنا لما قبل يوم 14 ... حين كانت الساحة منقسمة الى فسطاطين ... قوى الحرية والكرامة والديمقراطية والمؤسسات، وقوى الديكتاتورية والفساد وذيول المستعمر .... شغلوا كل وسائل خداعهم في البداية، وكشفوا سريعا عن معادنهم الأصلية ... معادن الحقد الأسود والتبعية الذليلة ....

كل محاولات قوى الثورة على اختلاف توجهاتها وسياساتها واستراتيجياتها، لم تفلح في ردم الهوة وربط اللحمة ...

هكذا وبعد أن كان هناك اختلاف بين قوى الثورة في التعاطي مع المشهد مبكرا، بين من يحذر من إرخاء الحبل لأعداء الثورة، وبين من يرى أن خفض الجناح أولى، وأن التجاوز اجدى، وأن التنازل مطلوب ... وصل البعض حد النكير على من كان يكشف الوجه الأسود لقوى الشر والردة ... بل وصل حد التنكر لهم ... ووصل حد فك الرباط معهم والتوجه لقوى الردة وعقد الصفقات معهم، وبناء توافقات هم أول من يعلم أنها هشة، توهما في قدرتهم على استدراجهم واختراق صفوفهم ... لم يحصل شيئ في الواقع أو حصل نزر يسير لا يكفي للوقاية فضلا عن التحصن ... لقد كان أولائك أكبر مكرا ... علينا أن نعترف لهم بذلك ...

فالذي حمل بعض قوى الثورة وعلى رأسهم النهضة على القبول بالتخلي عن بعض قوى الثورة، والذي فرق بين الشابي والغنوشي والمرزوقي في البداية، والذي فرق بين الغنوشي والمرزوقي بعد ذلك، قابلته قوى الثورة المضادة بالتشكيك وبطلب التنازل اكثر ... تنازلا يبعدهم بشكل مطرد عن مطالب الثورة وعن قوى الثورة ...

اليوم ينتبه الجميع من قوى الثورة أن ما انفقوه يكاد يكون ذهب سدى ... وأنه لا شيئ تغير في الأصل، وأنهم مطالبون بخوض المعركة من جديد، وأن من التحقوا بالثورة في ربع ساعتها الأخير لم يكونوا غير "مقدمة جيش" الثورة المضادة والذين مردوا على النفاق ....

اليوم اكتشف الجميع خطأهم كل من موقعه : رموزا وأحزابا ... وأنه لا عاصم لهم إلا وحدتهم .... ما زال شيى واحد ... من لا زال له "مثقال حبة" من أمل في من كانوا جزء من منظومة ما قبل الثورة، ولم تكشف العشر سنوات وخاصة بعد 25 إلا أنه ابن تلك المنظومة الذي رضع لبانها وكسى عظامه من زقومها ... من كان له مثقال حبة أمل في ذلك، عليه أن يفر منه فراره من المجذوم والمطعون ... لا أمل إلا بقطع أمل ... لا يجتمع أملان متناقضان في قلب واحد ...

وليملأ قلبه وعقله بيقين جازم بأن : تجسير الفجوة بين قوى الثورة، أهم وأولى وأجدى من أي تقارب مع أقرب القرباء من قوى الردة .... أعتى "متطرفي" قوى الثورة أنفع للثورة من "أعقل" قوى الردة .... أولائك الثورة تجمعهم ... وهؤلاء الردة تجمعهم ...

لا بأس أننا امتحنا .... المهم أن نكون استوعبنا الدرس ...

تاريخ أول نشر 30\4\2022