search

فرنسا ... لم تخرج من أرضنا

كان ما كتبته صحيحا ... فرنسا عبر أذنابها تلغي الأنجليزية في السنة خامسة ابتدائي وتضيف ساعاتها للفرنسية ...

كتبت منذ أيام على ما قامت به فرنسا من خلال أذنابها والمتملقين لها مستغلة انشغال الناس بالانقلاب ... حيث عمدت الى إلغاء الانجليزية كمادة للسنة الخامسة أساسي وأضافت ساعاتها للفرنسية وتفوقت بذلك الفرنسية على العربية من حيث عدد ساعات التدريس الاسبوعية ....

كان خبرا صادما ... وكانت عملية إذلال من تلك العمليات التي لا تتورع فرنسا وأذنابها على ارتكابها .... تفعل فرنسا في بلداننا ما لا يمكن ان تفعله في بلادها .... لا يمكن ان تلغي فرنسا الأنجليزية من مدارسها لأنها تدرك انها لغة العلم والحضارة الآن ... وهي قطعا لا يمكن ان تحجب عن أبنائها ما يمكنهم من ان يتعلموا كل ما يوصلهم بالعلم ويجعلهم في قلب الحضارة ... كما لا يمكن ان ترتكب حماقة وخيانة إعطاء الأولوية في تدريس اللغات الى غير لغتها الأم .... لكنها تملك ان تفرض ذلك على بلداننا التي لا تمثل لها غير منجم للنهب والاستغلال ولا ترى فينا وفي ابنائنا غير أداة من أدوات النهب لحسابها والعمل لمصلحتها ... وهي تفعل ذلك بكل ارتياح لأن عندها جيوش من الجنود الواضعين كرامتهم ووطنيتهم على الرف والمتسلحين بكل ادوات التذلل والتزلف والخيانة الموصوفة خدمة لها ....

اللغة الفرنسية التي ستدخل قريبا في متحف اللغات المنقرضة لولا ما تفعله فرنسا وأذنابها في مستعمراتها من خلال التمكين لها ...

منذ أكثر من عشرات عشر سنوات لاحظت ردة حقيقية في المغرب بعد سنوات السبعينات والثمانينات التي شهدت جهودا معتبرة في مجال التعريب ... وقلت أن فرنسا مستعدة أن تدخل بجنودها الجرارة إذا مست الفرنسية في المغرب ... ونفس الأمر في تونس .... هذا وزير من تيار الوطد لطالما صم أسماعنا حول الاستعمار والامبريالية .... يقدم ناشئتنا ومستقبلنا قربانا لفرنسا ... هذه النقابات العتيدة التي لو كان الامر يتعلق بمجال آخر من مجال التعليم لأرعدت وأزبدت واوقفت الوزارة عند حدها ... هذه الأحزاب التي تتشدق علينا بالوطنية ولكنها لنا تجرؤ على الاقتراب من نفوذ المستعمر الذي لم يبرح أرضنا إلا في صورة لباس جنوده وضباطه ...

إنما الشعوب اعتزاز حقيقي بالذات لا شقشقات وهتافات بلهاء ... من ضيع لغته فقد ضيع ذاته ومن استبدل لغته بلغة غيره فقد ضيع وطنه .... والله إنه الانحطاط الذي ليس بعده انحطاط، ان تجد لحد الآن في تونس العربية المسلمة اللغة الفرنسية تحتل المكانة الاولى في الإدارة وفي الإعلام وفي عالم المال والأعمال ... إنه خزي وعار سيلحق هذه النخبة التي تخاذلت وتواطأت كي تمكن لفرنسا وتعطيها ما لا يمكن ان تفعله في عقر دارها ....

كنت في ألبانيا ... بلد صغير في قلب البلقان، وكل هم نخبته ان يلتحقوا بأوروبا ... ومع ذلك فقد فكروا في كل شيئ إلا أن يستبدلوا لغتهم ... مع تمكنهم الاستثنائي من حفظ جميع اللغات .... اللغة الالبانية وهي لغة لا يستعملها إلا هم و حوالي تسعين بالمائة من إخوانهم الكوسوفيين وحوالي نصف مقدونيا وربع الجبل الاسود بمجموع لا يتجاوز 7 ملايين ... ومع ذلك فهي لغتهم الرسمية وغير الرسمية في الادارة والاعلام وعالم المال والاعمال ناهيك عن التعليم الذي يدرس جميعه وفي جميع المراحل بها.

هذه النخبة التي نكبت تونس بها هي التي مررت اتفاقية الفرنكفونية التي تنتهك سيادة وطننا شراء لرضا فرنسا .... لم يعترض على تلك الاتفاقية إلا أسود إئتلاف الكرامة .... أولائك الذين فرضوا عرض قانون اعتذار فرنسا على جرائمها وتواطئ الجميع على عدم المصادقة عليه .... لذلك ولغيرها من المواقف يلاحق أسود إئتلاف الكرامة ... وهذه شهادة للتاريخ أحب من أحب وكره من كره ....

لكن فرنسا ستخرج كما لم تخرج من قبل ... ستخرج يوما خروجا حقيقيا ... حين يسترجع الشعب كامل حريته وكامل كرامته ... ولا عزاء لمن تخلف عن ركب التاريخ ... ووهنت عزيمته ...

تاريخ أول نشر 2024/9/15