توصيف صاغه نصر الدين بن حديد لأهم ما يميز قناعات و سلوك و خطاب حركة النهضة و خاصة زعيمها الشيخ راشد . و هو توصيف يغلب عليه شد الانتباه و البعد عن التوصيف الدارج الذي يستعمله خصوم الحركة و زعيمها و هو "الازدواجية" و الذي يتصدى له أبناء الحركة و قيادتها بشكل تلقائي صارم يغلق إمكانية التحاور .
لطالما شعرت بهذا الاشكال و بحثت و لا زلت أبحث عن صياغة تخرج عن الصياغات النمطية التي أدى الاشتراك فيها مع الخصوم الايديولوجيين إلى توتر أبناء الحركة قيادة و قاعدة و اندفاعهم الهستيري أحيانا إلى مواجهتها بدون أدنى محاولة للتفاعل مع أصحابها و التحاور معهم.
و إذ أدرك ما للصياغات من فائدة بيداغوجية و تواصلية و تداولية فإن جوهر الوقائع لا يتغير بمجرد صياغة توحي بقطع مسافة غير مقطوعة.
منذ أيام قليلة كتب نورالدين العلوي تحليلا وظيفيا بدا متشائما و لكن التحليل البنيوي أكثر منه قتامة حين يقتفي اللاحق ( حركة النهضة ) أثر السالف ( حزب الدستور ) حذو النعل بالنعل لا لشيئ إلا لأن التونسة ( من منظورها الثقافي) ليست إلا أحدى البنيات الكبرى التي تفرز بنيات داخلها ( لحاجة وظيفية) ثم تكيفها لحسابها . يعتقد بعض نخب الحركة أنهم يسعون بـ"وعي" من أجل " تونسة الحركة " و لكنهم في الحقيقة ينفذون حكم "التونسة" عليهم .
و لكن أين "التاريخ " ؟ إنه حاضر و لا شك و لكن في الزاوية الأخرى . فبمجرد ما تتخلى " الظاهرة " عن دورها "المتمرد" يحافظ على "مخلفاتها الثقافية" و يتخلى عنها بحثا عن "بعث جديد".