search

في ذكرى التأسيس العلني للنهضة

قبل 6 جوان 1981 تأسست النهضة مرتين .... مرة كجماعة دعوية سنة 71 وقد تحدث عنها الشيخ الفاضل البلدي في تدوينة مقتضبة منذ أيام، ومرة كتنظيم حركي في صيف 79 وهو الذي ينعت في تاريخها بالمؤتمر التأسيسي. اما 6 جوان 1981 فهو الأعلان عن الحركة، الذي كان قد سبقه المؤتمر الاستثنائي الذي انعقد في نفس أيام انعقاد مؤتمر الحزب الاشتراكي الدستوري. وإذ أصدر الحزب الاشتراكي الدستوري قرارا من خلال خطاب بورقيبة لا يمانع فيه التعددية الحزبية، اجابته الحركة ببيان صدر بالمناسبة عنوانه: "التعددية حق والجماهير هي المحدد لشروط ممارستها". ذكر الشيخ الفاضل البلدي في تدوينة بالامس ظروف قرار الإعلان عن الحركة، وكونه لم يكن يحضى بالاجماع، اذ لا زال المناخ الثوري هو المسيطر على الحركة متأثرا بالمناخ الثوري العام في المنطقة والعالم .... لذلك كان هناك ممن قبل بخطوة الإعلان كتكتيك فرضته اوضاع البلاد والحركة ( فقد تعرضت الحركة لانكشاف أمني بتمكن النظام من وثائق تكشف هوية الحركة وتنظيمها).

الملاحظ ان لحظات التأسيس الثلاث، بقدر ما كانت تحمل هيمنة وعي اللحظة، بقدر ما كانت تحمل بذور اللحظات اللاحقة. شانها شان الكيانات الاجتماعية، التي بقدر ما تحاول مأسسة الظاهرة وفقا للوعي السائد، فإنها تحمل في ثناياها تعقيد الظاهرة نفسها في رؤيتها وخطابها وفواعلها ... تولد المؤسسات لرغبة في ضبط الظاهرة الاجتماعية، وتحويلها الى حركة قاصدة ومنظمة، ثم يتدخل السياسي كي يقولبها في المجال السياسي/ الدولوي ... ولكن الحركية/ الصراع / التدافع بين المجالات الثلاث يستمر ولا يتوقف .... لحاجة المجتمع للظاهرة كقوة تغيير ، ولرغبة النظام/ السيستام في الضبط والمحافظة على الاستقرار ....

الملاحظ ان الظاهرة التي أخذت مسميات عدة بحسب زاوية النظر والناظر إليها، من اولائك الذين يرونها مجرد ظاهرة مرضية، الى اولائك الذين يرونها ولادة لحركة تحمل مشروعا حضاريا، لا زالت حجر الزاوية سوسيولوحيا سواء بالمفهوم الدوركايمي أو بالمفهوم الفيبري ... فالمعين الروحي / الثقافي للظاهرة لا زال دفقه متواصلا، وحالة التيه الاجتماعي والسياسي للمجتمع وللامة لا زالت قائمة ... ولا زال البديل الاسلامي كفكرة ورؤية قادرا على ملأ الساحة بالوعود والأمل ... ولا زالت حركاته تفشل بالقمع والمحاصرة اكثر مما تفشل بالتجربة والممارسة ... ولا زال حجم مراكمة الخبرة يمدها بالعطاء ... في نفس الوقت الذي تحولت التجارب الاخرى الى يباب ....

هذا لا يعني أن خط السير سيكون مستقيما، ولكن لحد الآن لا يتصور بديل ممكن من خارج دائرة الاسلاميين، إلا ان يكون وكيلا للاجنبي كما حصل في الماضي .... باختصار ... كل بديل من خارج الاسلام لا مستقبل له حتى وإن كان "البديل الاسلامي" أمامه عقود أخرى من البناء والانجاز .....

تاريخ أول نشر 2022/6/6