search

قبل الانطلاق ... مسيرة الثبات والدفاع عن المؤسسات

كتب كثيرون حول مسيرة الثبات والدفاع عن المؤسسات من أوجه متعددة ... فيهم من ركز على الخلفية السياسية التكتيكية فيها، وفيهم من ركز على دوافعها التنظيمية الداخلية، وفيهم من اقتصر على ارتباطها بصراع أزمة التحوير الوزاري .... وكل تلك الوجوه ممكنة سواء كدوافع أو كمخرجات .... لكنني سأتناولها من وجه آخر، باعتبارها كاشفة عن العقل الاستراتيجي النهضوي، وعن العقل الجمعي النهضوي .... منذ دخولها العمل السياسي، والنهضة تفكر بعقل جمعي وجامع .... بعقل باحث عن الحوار والتوافق ... بعقل ينشد الوحدة ويبحث عن المشترك .... وكل ذلك على قاعدة الحرية للجميع .... فبدونها لا معنى للوحدة ولا للبناء ولا للتنمية .... وحتى عندما سلكت مسلكا "خشنا"، فقد كان الدافع إليه هو توفير مناخ الحرية للجميع، من أجل حل يسع الجميع، وفضاء يسع الجميع ..... لم يكن قرار الفصيل الطلابي للإتجاه الاسلامي صيف 1978 خوض ما سموه "فرض الحرية في الجامعة " ورفعهم شعار "نريد الحرية في الجامعة كما نريدها في البلاد " خارج هاته الاستراتيجية .... والتاريخ شاهد على أنه لم ينفتح الفضاء الطلابي على التيارات السياسية الأخرى، إلا بعد أن فرض الاتجاه الاسلامي الحرية للجميع، وكانت تجمعاته هي المسرح الذي تداول على منصاته الجميع، بما فيهم أولائك الذين لم يستنكفوا عن ممارسة "العنف الثوري"" من أجل أن تبقى الساحة لهم وحدهم .... حتى معركة " فرض الحريات" مع نظام بن علي كانت وراءها هاته الخلفية .... خلفية الدفاع عن الحرية للجميع .... ودفعت في سبيل ذلك ثمنا غاليا جدا ....

التاريخ شاهد ايضا على أن يدا الاسلاميين امتدت لتصافح الجميع، وكانت لقاءات الحوار مع الديمقراطيين الاشتراكيين والحزب الشيوعي والوحدة الشعبية أكبر دليل على انفتاح العقل النهضوي على الجميع، في وقت كانت غالب الحركات الاسلامية تحرم تعدد الاحزاب، ولا تتحرج من الدفاع على عدم حق الحزب الشيوعي في الوجود .... وهو نفس الوقت الذي كان فيه التيار اليساري وأغلبه ماركسي لينيني أو متأثر به "يحرم " هو أيضا تواجد الاسلاميين في الساحة.

هذا هو الخط الجامع لمسيرة الثبات والدفاع عن المؤسسات، وذلك هو العقل الجمعي النهضوي ... يرفض الاستئصال وينشد الكلمة السواء .... هكذا يبدو من خلال عنوان المسيرة وشعاراتها الجامعة وغير الاقصائية .... وكلما أمعن الاقصائيون في هستيريتهم، أمعن الاسلاميون في ثباتهم وتعقلهم، ودعوتهم القوية والهادئة للوحدة ودولة المؤسسات والتنمية العادلة ....

أمام البلد استحقاقات رئيسية، وهي التمسك بدستور ثورة الحرية والكرامة واستكمال مؤسساته وعلى رأسها المحكمة الدستورية .... وتعديل التشريعات التي جاءت قبله لتتوافق معه وعلى رأسها قانون الانتخابات وقانون تنظيم الفضاء الاعلامي وقانون الاحزاب ....

هذا يوم تجديد العهد والامل في استمرار ثورتنا حية تنجز أهدافها وتحاصر أعداءها .... رحم الله الشهداء الأبرار ... وحيا الله الحرائر والاحرار الذين على خطاهم سائرون ولعهدهم موفون إن شاء الله.

تاريخ اول نشر: 27\2\2021