قال عمر الفاروق: لست بالخب ولا الخب يخدعني
لم تكن لنا مشكلة مع من يعارضنا، كانت مشكلتنا مع من يقصينا ويتحالف مع الشيطان لإجتثاثنا، والإستئصاليون في بلدي حقيقة لا وهم ... نعم هم أقلية لكنها أقلية لا تتورع عن ارتكاب أفضع الآثام لتشويهنا، والرمي بنا للوحوش المفترسة، أو رمينا وراء الشمس.
لقد كان الأستاذ راشد يقول في مجالسنا، من لا يقصي النهضة فهو نهضة، أي أن النهضة نقيض الإقصاء والإقصاء شر مطلق.
كتبت تدوينة عن المواطنة كلثوم كنو، وقلت أني أحترمها، وأن الإحترام أقوى من الإختلاف.
وقد رأي المفكر محمد الطالبي أن قيمة الإحترام أعظم من قيمة التسامح، لأن الإحترام يقوم على المساواة في الآدمية، وينفي امتلاك الحقيقة أو إحتكارها، في حين أن التسامح يحافظ على علاقة من هو أعلى بمن هو أسفل، وهو تفضل من المتحضر والمستعلي لا أعتراف بالمختلف في العقيدة والمذهب والثقافة.
لامني الكثير من إخواني الذين أحبهم على التدوينة، التي خصصت بها المواطنة كلثوم كنو (هكذا عرفت نفسها) مذكرين بدورها ومواقفها غير الخافية علي عندما كتبت ما كتبت.
كلثوم لا تنتظر مني شهادة وقد تتفاعل سلبا، وبقدر ما استحضرت الشخص وما أعرفه من نقاط مضيئة زمن الإستبداد، ولم أتطرق إلى المرحلة التي كنا فيها في الحكم، لأني لا ألوم من عارضنا فالمعارضة حق دستوري وأخلاقي وطبيعي.
كلثوم الإنسانة أعرفها بالسماع من ثقاة من فضلاء القوم، أكثر مما تعرف هي عني كسياسي وإنسان، وما علمته عنها يقوم شهادة لصالحها.
لقد كتبت تدوينتي التي صدمت إخوتي الذين أحبهم وأقبل عتابهم ونقدهم ولومهم، لأني رأيت في نص كلثوم المواطنة الجانب الذي علمته سماعا ممن أثق في شهادتهم قبل أن تقوم الثورة وعندما كان للكلمة معنى وللنضال ضريبة.
أقول لأصدقائي الأعزاء واصلوا اعتبار تونس للجميع ولكل مكان تحت الشمس.
وأملي أن تزول الأسباب التي حالت دون الحوار وجعلته مستحيلا، وفي ذلك خسارة لا تعوض.
أنا صارعت اليسار والأوطاد ولست مهادنا، وفي الفكر المهادنة ممنوعة في مذهبي، لكن من كان له بديل عن الحوار فليسعفنا به.