search

لماذا لا يكتب النهضويون الذين شاركوا في السلطة عن تجربتهم ؟

لا أريد أن أقسو على احد، لكنني لا أحد عذرا لحركة النهضة وللنهضويين الذين استلموا مناصب في الدولة من معتمدين وولاة ورؤساء حكومات، من نواب ورؤساء الكتلة ورؤساء اللجان، من مستشارين و رؤساء دواوين، من رؤساء مديرين عامين ورؤساء مصالح وغيرهم ... كل أولائك، لا أجد لهم عذرا في عدم نقل تجربتهم وإنجازاتهم وما حققوه وما لم يقدروا على تحقيقه وما واجهوه من مؤامرات وعراقيل.

لا يخالطني أدنى شك أن هناك حقائق وإنجازات جرى ويجري طمسها وهم مساهمون بصمتهم في طمسها.

الحقائق أقوى من التضليل لو صدح بها أهلها وتحملوا مسؤوليتهم في عرضها وكشفها للناس.

لا أقول هذا لأنفي الأخطاء التي وقعوا فيها، ولكن لأقول أنه لو تحملوا مسؤوليتهم وعرضوا الحقائق لساهموا في كشف حجم التآمر على البلاد، ولتبين أن جزء مهما من الحرب التي تدار عليهم سببها ليس أخطائهم أو ليس اخطاؤهم فقط، وإنما وبشكل رئيسي هو إنجازاتهم، هو سعيهم لتحقيق أهداف الثورة، هو مقاومتهم ولو بشكل جزئي للفساد، هو عدم استسلامهم لأخطبوط الفساد، هو خوف الفاسدين من أن استمرارهم في الحكم سيمكنهم أكثر من معرفته وبالتالي امتلاك القدرة على التغيير فيه.

واضح جدا أن النهضويين أوتوا من عدم خبرتهم بالدولة، ولكنهم لم يؤتوا من انخراطهم في الفساد واستسلامهم له، ولذلك كان قرار الدولة العميقة حاسما في ضرورة اقتلاعهم، لسبب واضح هو أن أي يوم يزيد في وجودهم في الدولة يعني بالنسبة للدولة العميقة اقتلاع سنة من عمرهم في امتصاص خيرات البلد.

لا افهم مالذي يبرر تكاسل هؤلاء عن القيام بهذا الدور وهذه المهمة من أجل مقاومة الانقلاب؟؟!!

من حين لآخر أستمتع إلى شي مما فعلوه، وأدرك "جريمة" ما يقترفونه الآن بصمتهم.

لقد كانت لي تجربة مهمة في معايشة بلد شهد ما شاهدته تونس من ثورة عن قرب، وأعرف جيدا ماذا تعني الدولة كجهاز، وما توفره من ريع للنهب والتمعش، وعايشت الحرب الطاحنة التي تدار من قبل الدولة العميقة التي تتمعش من خيرات البلد وإمكانياته التي لا تنضب ... امكانيتها المادية وإمكانياتها الاعتبارية المفيدة للمال والثروة والعلاقات ...

وجه حقيقي لمعركة مشرفة خاضها النهضاويون برغم محدودية مساحة الحكم التي اتيحت لهم، والتآمر عليهم بالليل والنهار، وأخطاؤهم في التخطيط والتنفيذ .... مالذي يجعلهم يسكتون عنها ويستسلمون للتآمر عليهم ولحملات الكذب والدجل ؟

ناديت ولا زلت أنادي النهضاويين بنشر كتاب وليسمونه : الكتاب الأبيض: النهضة والثورة ... كتاب يذكر الحقائق : الانجازات وأيضا الاخطاء ...

لا يخامرني أدنى شك أن قطاعا عريضا ممن يسب النهضاويبن بشكل هستيري الآن في الفضاء الأزرق وغيره، هم من أولائك الذين تضرروا من سياساتهم، ويكفي أن تأخذ مثلا وضعهم حدا لتمعش الآلاف من نظام "الوضع على الذمة" في الوظيفة وكذلك التمويل العمومي لجمعيات وهمية أو شكلية تستنزف موازنة الدولة بدون حسيب ولا رقيب ....

أنا متأكد أن ذلك الكتاب حتى وإن لم يقرأ الآن بفعل "السكرة"،سيكون دليلا للمستقبل، سينصفهم وسينصف الإسلاميين عموما، وسيبنى عليه مستقبل واعد لن يكون إلا من صلبهم ....

تاريخ أول نشر 2022/7/17