search

ليل الاستبداد الطويل

كتبت تعليقا على تعليق الشيخ الفاضل البلدي على تدوينتي منذ أيام، عندما طالبني بالجدية وسألني عن البديل عن الشيخ راشد رئيسا للحركة. قلت :" أنا ذكرت من البديل وهو انتقال بنيوي من سطوة الفرد إلى حيوية المؤسسة، ما يعني ضرورة أن ذلك الذي سيحل محل الشيخ راشد قيادي تتوفر فيه صفات كثيرة ضرورية، و لكنه في نفس الوقت سيسمح بتحول إدارة وقيادة شأن الحركة للإطار المؤسسي عوضا عن الفردية التي فرضها السياق الثقافي والتاريخي. و هذا الذي سيحدث، إن استطاع الشيخ الإفلات من ربقة "المشفقين" و"المناشدين" في الداخل و"أصحاب المصالح" و"المتوجسين" في الخارج، هو ما أراه الاستجابة لمسار التاريخ/التقدم، سيفوز بالسبق باعتباره قد خط بداياته، وسيكتب في السابقين عوضا عن الخالفين. و أنا أعلم أنها ليست معركة سهلة، لذلك من حقك أن تقول كما قال غيرك من الإخوة، أنه تفاؤل، أو لعله مبالغة في التفاؤل".

ومباشرة تابعت بعدها ردود أفعال كثيرة متعلقة بنفس الموضوع، منها ما صدر عن الشيخ نفسه من جواب فضفاض، وتصريحات لقياديين في الحركة، وكذلك مقالات تعبر عن هواجس من خارج الحركة.

أنا أعلم أن الانتصار على ثقافة الاستبداد معركة أجيال بل قرون، و قد تنتصر على بعض مؤسسات الاستبداد، و لكن الانتصار على "طبائع" الاستبداد الثاوية خلف أدق تفاصيل حياة وأنظمة المنتصرين أنفسهم وخصومهم أيضا أمر أشد صعوبة، لأنها معركة تغيير ما بالأنفس، تغيير في نظام المعنى ونظام الرمز ونظام الخطاب، تغيير في اللاوعي الجمعي والفردي قبل الوعي .

هناك، في تلك الأغوار الباطنة يتساوى المتصارعون/الأعداء على مؤسسات المجتمع السياسية والاجتماعية الطافية، فإذا هم "إخوة متحابون" تصبغ عليهم العتمة روابط الإخاء الجميل/الذليل.

ومع ذلك فالتاريخ لا يعرف إلا التقدم، ومعركتنا واحدة سواء من يطالب بالتغيير أومن يستمتع بالقفص وهو أسير.

تاريخ أول نشر 10\3\2015