search

ما الذي يعنيه تغيير قواعد اللعب في أثناء المباراة؟

1. إنّه الخوف الذي لا تعيش الدكتاتوريات بدونه. الخوف بنزين أنظمة الجَوْر الباقية فوق أرض البشر. وآخر نبات تلك الأنظمة في أرض العرب من دون كلّ البشر.

ليس أشدّ خوفا من الحاكم المستبدّ. هو يخاف على أمر ويخاف من أمر:

أمّا الأمر الذي يخاف عليه فهو حكمه الذي بناه على الظلم. وليس من ظالم إلّا وهو يعلم أنّ عاقبة الظلم وخيمة، وإن لم يكن عاقلا شاهد في وقائع التاريخ ما يكفيه ليرى.

وأمّا الأمر الذي يخاف منه فإنّما هو الشعب الذي عمّم عليه ظلمه حتّى لم يعد منه في صفّه أحد سوى المستفيدين والطامعين.. والخائفين.

الخائفون هؤلاء في الدرك الأسفل من اللّا فهم، لأنّهم يخافون من خائف. العقل يقول إنّ الخائف لا يخيف.

2. الحاكم الذي لا يجد طريقا إلى التعامل مع مخالفيه، من فرط خوفه منهم، غير التنكيل بهم بعصا الدولة التي يحكمها ليس قويًّا، بل هو ضعيف. ولا يغطّي ضعفَه أن يجعل من جميع مؤسّسات الدولة أجهزة تنفيذ لما يريد من هدم وتخريب وترويع. حين تتحوّل الدولة إلى عصا تكفّ عن أن تكون دولة. الدولة جهاز مركّب يقوم على تدبير الشأن العام فإن هي تحوّلت إلى أداة في يد الذي يجلس على سدّتها لتنفيذ ما تمليه عليه أهواؤه صارت عبئا ثقيلا، والأعباء الثقيلة لا تُحتمَل.

الحاكم الذي لا يعدل في حكمه يظلّ مسكونا بخوفه، يغطّي على خوفه بتخويف الناس منه وينسى من شدّة خوفه أنّ الخوف يشلّ كلّ شيء. وإذا شُلّ الحاكم والمحكوم من خوفهما استحال الإنجاز وفقد الناس الأمن والطعام معًا. وهذا ما نلحظه في زمان الانقلاب الثقيل.. لقد عمّ الخوف حتّى أصاب الشلل كلّ المرافق وفقد الناس كلّ أمل في الخلاص.

3. وحده الخائف يغيّر قواعد اللعب في أثناء المباراة. ولكنّه لن يفلح في أن يحمل الناس على اختياره. هو، فقط يحصد مزيدا من الأعداء بما يراكمه من أخطاء تمنع عنه طريق الرجعة وسبيل المراجعة. لقد دخل من باب القانون ليعبث بجميع القانون. كان فاقدا لفضيلة الشجاعة في زمان ما قبل الثورة إذ لم يؤثر عنه أنّه ترك إشارة واحدة تشهد بوجوده خارج رعايا النظام آنذاك. وبعد أن صار إليه كلّ شيء في غفلة من التاريخ ظهر فقده لفضيلة العقل.

العقل والشجاعة فضيلتان شقيقتان لا ترضيان بأن تنزلا في أرض لا تليق بهما.

تاريخ أول نشر 2024/9/21