أتفهم أن يقسو الإسلاميون على أنفسهم نقدا وتجريحا، لكنني لن أقبل أن تعطى لهم دروس ممن هم دونهم بذلا وعطاء وأداء، وممن هم دونهم تمسكا بالديمقراطية، ولا يفضلونهم خبرة، من خصومهم الذين تعشش في تنظيماتهم ومنظماتهم كل أنواع الديكتاتورية، ولم يتميزوا إلا بقدر ثقة دوائر الفساد والنهب الخاصة والعامة والداخلية والخارجية فيهم، إلا من رحم ربك ... وقليل ما هم ...
يمارس هؤلاء ومن وراءَهم، حملات تحطيم لدفاعات الإسلاميين النفسية، من أجل جعلهم يقبلون بوضعية الدرجة السفلى ... لأنهم خلقوا في نظرهم أن يُسادوا لا أن يسودوا ... وأن يُحكموا لا أن يَحكموا ... وحتى لو أعطاهم الشعب ثقته، فعليهم أن يخونوا شعبهم، ويسلموا الحكم لمن لم يختاره ...
يقولون أنهم حكموا وأثبتوا انهم يفتقدون التجربة والحنكة ! وهل يملك غيرهم ذلك !!!! إلا أن يكونوا جزء من النظام الفاسد الذي ثار عليه الشعب ....
انفتح الاسلاميون على كل من رغب العمل معهم، و استفادوا من خبرات الدولة من الكوادر والإطارات .... وقد يكونوا أخطأوا في تقريب هذا وإبعاد ذاك ... وقد يكونوا اضطروا للرضوخ لهذا أو ذاك ... لكنهم لم يخونوا ولم يتنكروا للثورة ...
أنتظر يوما يخرج فيه للتونسيين : الكتاب الأبيض : حركة النهضة والثورة ... وسيتبين فيها بالكاشف أن أخطاء النهضة كانت صغائر جرى تحويلها لكبائر، وان أخطاء خصومهم كبائر عملوا بخبث ومكر على جعلها في نظر الناس صغائر .... لكن التاريخ علمنا أن الحق في الأخير هو المنتصر ... ما استمرت إرادات الإسلاميين ثابتة، وما استمرت عزائمهم راسخة، وما استمرت نفوسهم أبية ... عليهم أن لا يفقدوا اتجاه البوصلة، وأن لا يتحول نقدهم لأنفسهم الى عامل تثبيط لعزائمهم، ومدخلا لتثبيت ما يريد أن يثبته خصومهم فيهم، من أنهم لا يصلحون إلا أن يكونوا وقودا لمركباتهم الحزبية، أو مادة حقوقية لمنظماتهم "المدنية"...
ذلك أنهم الأقرب لروح الشعب، أحب من أحب وكره من كره ... وقد أثبتوا أنهم الأقدر على الأخذ من الجديد بعزة، والاستصحاب من الماضي بحكمة .... وأنهم سليلو مدارس الإصلاح التونسية حتى وإن كانت بدايتهم غريبة عنها ... فقد آبوا لمنابعهم يردون منها، ولسلسلة النسب الذهبية يستكملون حلقاتها ... يتعثرون ولا يسقطون ... يخطئون ويستغفرون ... لكنهم يبنون ولا يهدمون ... يضيفون ولا ينقصون ... في طريق يعبد بالتراكم وبالعبرة ... بالنجاح والخطأ ...
وعليهم ان لا يقطعوا صلتهم بقرآنهم الذي يذكرهم : لا تهنوا ولا تحزنوا ... واصبروا وصابروا ...
تاريخ أول نشر 2022/6/24