search

مع المفكر محمد عمارة ... في ذكرى وفاته

التهمت كغيري من المنشدّين للقراءة، إنتاج الدكتور محمد عمارة من قبل أن يعرف كمفكر "إسلامي" ... فقد كان الى حدود منتصف الثمانينات يقدم على أنه مفكر "قومي"، متخصص في تراث المدرسة الاصلاحية ... ثم بدأ "يقترب" من الساحة "الاسلامية" من خلال التصدي للكتابة في القضايا التي تحتاج الصحوة الاسلامية تحرير النظر فيها، بتقدير أن تلك الصحوة هي قوة المستقبل ... وجدت الساحة الاسلامية لا سيما الاخوانية ضالتها فيه وفي أمثاله من "العائدين" من المواقع "المقابلة" أو "الجانبية"، فاحتضنته واحتفت به وروجت لكتبه. كما احتفت به رموزها الفكرية مثل الشيخ الغزالي الذي قال عنه أنه استعاد دور المفكر عباس محمود العقاد، والشيخ القرضاوي الذي ألف فيه كتابا. وشكل هو وطارق البشري وعادل حسين وفهمي هويدي وآخرون كوكبة المجددين المعاصرين، الذين ساهموا مساهمة كبيرة في تطوير فكر الصحوة الاسلامية، وساندوا الشيوخ المجددين فيها، واحتضنوا شبابها فكريا، ودعّموا اتجاهات التجديد في تنظيماتها.

كان الدكتور عمارة غزير الانتاج، قوي الحجة، علَم المناظرات... و قد حافظ على شخصية متميزة مستقلة، بعيدة عن ساحة العمل السياسي المباشر، و بعيدة عن الانتظام في التجمعات الحركية والسياسية.

كنت أتابع إنتاجه لحظة بلحظة، وأقرأ مقالاته وكتبه، وأستطيع أن أقول أنني تتلمذت عليه رغم أنني لم ألقه.

ومن الكتب الهامة التي قراتها كتابه "معالم المنهج الاسلامي" وهو كتاب أعده بطلب من المعهد العالمي للفكر الاسلامي، كتاب على درجة كبيرة من الاهمية لا سيما في الفترة التي ظهر فيها. وكان مما استفدته منه ولا زال عالقا بذهني، إذ صادف انشغالا عميقا لدي في ذلك الوقت، استدراكه على القاعدة الاصولية "لا اجتهاد مع النص". حيث أكد أن النص حتى بالمعنى الاصولي يحتاج دائما لاجتهاد، وإذا سلمنا بقطعية دلالته فإن تنزيله سيحتاج دائما لاجتهاد.

رحم الله المفكر المجدد الثبت الدكتور محمد عمارة، وجازاه عن أمة العرب والاسلام كل خير .

تاريخ أول نشر: 29\2\2020