اطلعت على مسودة وثيقة قرطاج 2 التي تام إعدادها بعد حوارات بين أجنحة الحكم والمنظمات الوطنية ولي عليها الملاحظات التالية:
- لولا الآجال الزمنية التي وضعت امام بعض الإجراءات لكان يصدق على الوثيقة اسم " اعلان نوايا " .
- و رغم تلك الآجال الزمنية فإنها لا تكفي وحدها لقياس اداء الحكومة التي ستشرف عَلى تنفيذ الوثيقة و بالتالي الحكم الدقيق على مدى تمكنها من إنجاز المهام المكلفة بها او فشلها في ذلك .
- تبدو الوثيقة و كأنها لامست المعضلات الحقيقية التي تعاني منها الدولة ، و لكنها تجنبت تدقيق الإجراءات و خاصة مخرجاتها بلغة كمية ( لا علم الا بالكم ) يعني ارقام و نسب موجبة او سالبة لكل اجراء و انعكاسه على المالية العمومية باعتبارها معضلة المعضلات الحالية التي تعاني منها الدولة.
-كانت صياغة الإجراءات الرئيسية المتعلقة بموضوع صندوق الدعم و الصناديق الاجتماعية وإصلاح المؤسسات العمومية والموقف من برنامج " أليكا " وإصلاح الوظيفة العمومية والتشغيل اكثر عمومية بما يوحي ان الأطراف تجنبت الوصول فيه الى امر قاطع متفق عليه .
- تخلو الوثيقة من الحديث عن مقاومة الفساد وعن استرجاع الأموال المنهوبة من خلال قروض او من خلال سرقة وتحيل ، بل لم ترد فيه كلمة الفساد اصلا .
- ليس في الوثيقة اي حديث عن العدالة الانتقالية في تجاهل واضح لدورها في حل جزء من المعضلة المالية فضلا عن انها استحقاق من استحقاقات الثورة .
- تبدو الإجراءات السياسية محاولة للتخلص من اهم إنجاز و هو " اجراء انتخابات حرة نزيهة وشفافة " من خلال العمل على التلاعب بالتقسيم الاداري للدوائر الانتخابية ومن خلال التدخل في طريقة تشكيل اللجان الجهوية وايضا في نظام الاقتراع وهي أشياء يعرفها كل من درس تاريخ التجارب الديمقراطية الهجينة .
- تخلو الوثيقة من اي التزام للاطراف الاجتماعية وهو امر طبيعي لخلو الوثيقة من اي إجراءات دقيقة في القضايا ذات الاختلاف.
- من هنا يبدو ان الخلاف حول النقطة 64 يعكس في وجه من وجوهه استراتيجيات الطرفين للتعامل مع القضايا الكبرى محل الخلاف والتي لم تفصل فيها الورقة . هناك طرف يرى الحل في الاستمرارية التي تعني الاستجابة لوصفة البنك الدولي وأساسا توفير مناخ للحصول على قروض لإنقاذ المالية العمومية ويدخل في هذا الإطار توقيع اتفاقية " أليكا". اما الطرف الاخر وان لم يعارض في الجوهر هذا التمشي الا ان حساباته السياسية تجعله يفضّل المناورة.
في الحقيقة الاختلاف هو اختلاف موقع اكثر منه اختلاف خيارات مع فارق طفيف بالنسبة للاتحاد.
- لو كانت الأطراف جادة لكانت الوثيقة اكثر دقة في اجراءاتها ولاتفقت على حكومة جبهة وطنية او ائتلاف وطني او إنقاذ وطني تشارك فيه المنظمات الوطنية الكبرى الثلاث الى جانب الأحزاب. او توقيع عقد وطني للانقاذ لمدة معينة تتواضع فيه الأطراف جميعها على التضحية الجماعية لإنقاذ البلاد والعباد.
تاريخ أول نشر 3/6/2018