أنا الإنسان

حين ترى الإنسان الضعيف الخانع الذليل... حين ترى الإنسان المخدوع المضلل والمسلوب الإرادة... حين ترى الانسان البائع لعرضه وشرفه ودينه ودنياه... حين ترى الإنسان اللاهث وراء الجاه والمال والسلطان... حين ترى الإنسان الجزوع المنوع مغلول اليد... حين ترى الإنسان الجبان المتلون المنافق... حين تراه بكل صفات التسفل أو ببعضها في ذوات بشرية من حولك أو في مجموعات أو حشود أو في أمم... حين تراه في سفر التاريخ الكبير وفي مناطق متفرقة من رقعة البسيطة... حين تراه في نفسك التي بين جنبيك، في ساعات الإخلاد ولحظات الهبوط، في نزوعات النفس ووهن العزيمة وانقباض الروح ....

حين ترى كل ذلك ... ارجع البصر والبصيرة لترى

الإنسان في جوهره الذي لأجله أسجد الله له الملائكة،

الإنسان الكادح إلى الله والمصمم على لقياه،

الإنسان المعمر للكون وباني الحضارات،

الإنسان قائد ملاحم التاريخ العظيمة للبناء والعطاء،

الإنسان فارس الانعتاق من قيود العبودية للطبيعة ولأخيه الانسان،

الإنسان عاشق الحرية والتحرير،

الإنسان هازم الطواغيت وكاسر أنوف الجبابرة ومخضع القوارين،

الإنسان الحالم والعاشق للخير والحق والجمال،

الإنسان الساخر من موازين القوى....

فلا موازين تذكر أمام إيمانه بذاته، وبالحق الذي عليه، وبالقضية التي امتلأ بها كيانه. فلكم سخر من كل الأنواء والاعاصير، ولكم هزئ من كل الحشود والجنود، ولكم شق بسيفه البتار سجف الليل الحالك، ولكم بدد بشمعته الظلام الدامس.

ذلك هو الإنسان الذي عليك أن تراه،

وذلك هو الإنسان الذي عليك أن تتامله،

وذلك هو الإنسان الذي عليك أن تجعله مثالا ونورا وضياء،

ذلك هو الإنسان الأصل،

ذلك هو الإنسان الخليفة. محقق وعد الله، وقدر الله، وقضاء الله.

الإنسان الصالح الذي أورثه الله الأرض وما عليها، وكتب له النصر كما كتب له الرفعة.

ذلك هو أبوك الحقيقي،

و أخوك الحقيقي،

و رفيقك الحقيقي،

و ابنك الحقيقي،

و وارثك الحقيقي.

وحين تستحضر كل ذلك، وتستذكر كل ذلك، تهون أمامك كل الدنيا، وتستصغر فيها كل ظالم، وكل متأله، وكل مكابر ، وكل جاحد. ويستحيلون أشياء تافهة، تزيلها من طريقك كما تزيل كل أذى، وتزيلها من على وجهك بمسحة يدك كما تزيل كل قذى، وترفعها من على ناظريك كما ترفع كل غشاوة.

انهض ولا تتردد، ثق ولا تتزعزع، اؤمن ولا تشك.

أيقظ الإنسان في باطنك، و ارسم صورته في ناظرك.

أنت نور وربك النور ولن يكون طريقك إلا نورا...

وردد دائما أنا الإنسان وليس أي إنسان.

تاريخ أول نشر 14\4\2023