search

إلى أين قادنا "التدبير"...

وقع العثماني مكرها اتفاقية العار مع الكيان الصهيوني ، ومن قبله وقع أربكان اتفاقا مثله ... أذكر أننا التمسنا له عذرا متعللين بأن تركيا غير البلاد العربية .... في السياسة يمكن لك أن تبرر أي شيئ .... لكن التاريخ يقول لنا أن الإكراه في المحصلة يعتبر خضوعا ومن خضع في امتحان المبادئ لا يمكن أن ترفع له هامة .... وهذا يعني أنه سيسقط كفاعل في خيار التحرر والتحرير ... وأنه قد أعلن انتهاء دورته .... ليستلم المشعل فاعل جديد .... والتاريخ علمنا أن الفاعل قد يسقط لكن المبادئ وخيارات الأمة لن تسقط .... وسيقيض لها من يلتقط المشعل .... لن يسقط المشعل ولو توالى سقوط حامليه.

سعد الدين العثماني يلبس جبة الدكتور النفساني والعالم المقاصدي ... وعندما استلم رئاسة الحكومة بعد إسقاط عبد الاله بن كيران كتبت التعاليق التي تثني على رجل سليل عائلة علمية.

يتقدم العثماني باعتباره داعية المدرسة السياسية الواقعية التي قادت مبكرا ما سماه "التمييز بين الدين والسياسة". كما نظر مبكرا - في سياق التأثر بموجة "موت الإيديولوجيا" بعد سقوط جدار برلين وزحف الليبرالية المتوحشة - إلى "الخروج من الأحزاب العقائدية إلى أحزاب التدبير"، وهو شعار لئن كان فيه من المعقولية ما يقبل من حيث التركيز على البرامج العملية وتقديم البدائل لتهالك التسيير الحكومي و فشل مناويل التنمية، إلا أنه فعل فعلا معاكسا من حيث تجريد الأحزاب من الاستحضار الفاعل لقيمها ومبادئها في كل مسيرتها وتسييرها وإدارتها وتدبيرها، لتبقى مجرد وعاء يستعمل لتنفيذ السياسات والتوصيات والنصائح الملزمة لدوائر المستشارين الأجانب الذين يملؤون مكاتبها تحت أغطية متعددة من البرامج والمنح والشراكات ...

وهذه الموجة هي الموجة التي تكتسح "حكومات" الربيع العربي وتضغط على الأحزاب الاسلامية التي انتهت في المحصلة إلى أحزاب موجودة في سدة الحكم ومن دون أن تحكم بإرادتها .....

كل "هم" الاسلاميين و خاصة"نخب الحكم" فيهم - والتي تقدمت له بكل الوسائل الممكنة غير وسائل الجدارة والاهلية العلمية والعملية - هو دعوى "التصالح مع الدولة" ! وكأن الدولة كائن خير بطبعه أو حتى محايد، مع أنه أس كل "مصائب الأمة". وما لم تمتد يد الاصلاح الجذري لها فسيدخلها الاسلاميون أطهارا ليخرجوا منها أشرارا أحبوا أم كرهوا ....