كتاب مهم جدا من تأليف فاطمة الصمادي الباحثة والخبيرة بالشؤون الإيرانية أقامت لفترة في إيران وتتقن اللغة الفارسية،صادر عن مركز الجزيرة للدراسات، نوفمبر 2024 ( يمكن تحميل الكتاب مجانا من موقع مركز الجزيرة للدراسات).
أنصح كل من يريد أن يتعمق في فهم العلاقة بين إيران وحركة حماس، وبين حماس وحزب الله، وبمحور المقاومة عموما أن يقرأ الكتاب.
اعتمدت الباحثة في كتابها على عدد كبير من الحوارات واللقاءات مع أهم الفاعلين في العلاقة بين الأطراف المختلفة، إلى جانب المراحع الأخرى من كتب ومقالات وتقارير.
تخرجك المعطيات المطروحة في الكتاب من "التنميطات" التي صبغت كثيرا من المواقف في علاقة بالموضوع. وتعطي للعلاقة صورتها الحقيقية على المستوى الإيديولوجي كما على المستوى السياسي والعملي.
خلاصة الكتاب أن إيران وقفت إلى جانب حماس وقوفا حقيقيا ملموسا على المستوى المالي والتدريبي والتزويد بالسلاح والتقنيات الحديثة ذات العلاقة بالمواجهات الميدانية مع العدو، بشكل لم ترتق إليه أي جهة أخرى، وأن الدافع إلى ذلك لم يكن فقط "مصلحي" لدولة تبحث عن تموقع وحضور إقليمي من خلال توسيع مجالها الحيوي، وإنما أيضا لاعتبارات عقائدية/إيديولوجية ترى في القضية الفلسطينية باعتبار القضية المركزية للأمة بل باعتبارها قضية عقيدة على حد وصف قاسم سليماني.
وقد مرت العلاقة بامتحانات دقيقة، ولكن لم يتزحزح الموقف المبدئي لإيران من القضية الفلسطينية ومن المحافظة على العلاقة بحماس.
كان الموقف من انتفاضة الشعب السوري من أهم المواقف التي تباينت فيها مواقف الطرفين. ورغم أن إيران وحزب الله كان موقفهما في البداية متماشيا مع موقف حماس في التدخل من اجل محاولة دفع النظام للقيام بإصلاحات وعدم مواجهة الثورة بالسلاح واللجوء للحل العسكري، ولكن لما أعرض النظام عن انتهاج الإصلاح، وقرر مواجهة الثورة عسكريا وسعى إلى دفع الثوار للرد بالمثل، رفضت حماس ذلك وخرجت من سوريا، لكن إيران وحزب الله اختارتا الانخراط مع النظام في مواجهة التنظيمات المسلحة، وشلركوا في "قتال الفتنة" الذي ورطهما في الدم السوري بشكل أقرب للإبادة الجماعية منه لمجرد المواجهات مع قوى مسلحة .
ورغم أن حماس اضطرت لمراجعة موقفها بناء على السياقات التي فرضتها الأوضاع في المنطقة وارادت العودة الى سوريا وقطعت خطوات، إلا أن العلاقة لم ترجع الى سالف عهدها وظلت حتى طوفان الأقصى متحفظة من طرف النظام السوري.
لقد صدر الكتاب قبيل "فتح دمشق" بحوالي شهر، ولو أنه تأخر قليلا لربما كان سيحمل بعض التعديل في بعض فقراته، لكن ذلك لن يكون جوهريا بخصوص أصل العلاقة بين الطرفين ومع مجمل محور المقاومة، الذي قدم إسنادا حقيقيا لم تجد المقاومة بديلا عنه في أي مرحلة من مراحل الصراع وخاصة مع طوفان الأقصى.
إضافة لموضوعه الرئيسي في العلاقة بين إيران وحماس، فإن الكتاب يقدم مادة مهمة جدا حول حركة حماس فكرا ومؤسسات وخيارات و توجهات وتكتيكات وعلاقات، وأيضا علاقة إيران بالقضية الفلسطينية منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى الآن.
تاريخ أول نشر 2025/1/19