لا زلت عند رأيي أن الثورة التي لم تقوض البيروقراطية الفاسدة والمفسدة للاتحاد، لم تستكمل ولن تستكمل أهدافها، تماما كما هو الشأن في محدودية تقويضها للمنتظم السياسي حكما ومعارضة ... الاتحاد ممثلا في بيروقراطيته أحد أوجه الفساد الذي قامت عليه الثورة ولم تقتلعه بعد.
وإذا كان لي أن انقد خصومه، فإنني انقد ترددهم وغشمهم وضعفهم وعدم تقديرهم لتاريخ هذه البيروقراطية الدامي، الذي لا تغطيه إنجازاتها المحدودة والتي تتمثل في تركها للأطياف السياسية التي حاصرها نظام الحزب الواحد الاحتماء به ولمواجهة النظام من خلاله واستعماله مطية .... وهو الدور الذي نسج به الاتحاد تاريخه.
أيام الاستعمار استعمله حزب الدستور اأساسا للاحتماء به من بطش الاستعمار، باعتبار حساسية ضربه وخشية تأليب المنظمات العمالية عليه .... وهو نفس الدور الذي لعبه أثناء الصراع الداخلي في حزب الدستور ... ذلك أن "بلطجية" الحبيب عاشور هي التي حمت مؤتمر صفاقس الانقلابي .... واستمر الاتحاد في وظيفته تلك يتراوح بين عصا النظام وجزرته ... حتى وصل في عهد بن علي إلى مستوى المشاركة المباشرة والتواطئ الكامل مع الفساد ....
بيروقراطية الاتحاد استفحل دورها بعد الثورة، ولعبت على تناقضات قوى الثورة كي تحمي مصالحها المتمثلة اساسا في نهب المؤسسات العمومية ومشاركة رأس المال الفاسد والتواطئ مع الاجنبي في لعبة معقدة وبماكينة عريقة في " الكمبنة " ... اتحاد لا يمثل إلا بيروقراطيته ويتعامل مع مطالب الشغالين بانتهازية ويوظفها لمزيد نهب واستغلال مقدرات الدولة .... اتحاد سيطر عليه "الباندية" الذين كانوا قبل وصولهم لمواقع القيادة فيه "متعهدي قعدات البيروقراطية" وتسلقوا شيئا فشيئا حتى وجدناهم يقودون المنظمة ووجدنا منظمة وطنية يتكلم "زعماؤها" كلام السوقة ويدبجون بيانات الصفاقة والسفالة وقلة الذوق والعجرفة والباندتيزم ...
أروني في العالم الآن منظمة نقابية بقوة هذا الاتحاد في العالم ؟ فقط قوة ماذا ؟ قوة العجرفة والفساد والإفساد وتبريك البلاد .... منظمة سطا عليها الأميون وعديمو الأخلاق والذوق والكياسة والسياسة ...
ستتحرر البلاد اكثر فقط يوم تتوقف الدولة عن أن تكون جابي ضرائب الاتحاد، ويوم أن تخضع حسابات الاتحاد للتدقيق المحاسبي من طرف محكمة المحاسبات، ويوم يلغى التفرغ النقابي، و يوم يمنع على الاتحاد مشاركة رجال الأعمال في استثماراتهم، ويوم يمنع على الاتحاد دخول سوق المال والأعمال، ويوم يمنع على النقابيين قيادة المؤسسات العمومية ( هناك مؤسسات يسيطر عليها من المدير الى الغفير نقابيون )، و يوم تلغى أي مجالس مشتركة في المؤسسات والتي تحولت في الواقع إلى مواقع رشوة وابتزاز، ويوم يطبق القانون في أن الاضراب حق ولكن يومه ليس يوم عمل وبالتالي يخصم من الراتب ..... ما لم نقم بكل هذه الاصلاحات فسيضل تحررنا الكامل وكرامتنا الكاملة بعيدة المنال .....
تاريخ أول نشر 2021/6/18