أواصل الحديث عن نجومنا الزاهرة التي اختطفها الانقلاب لا لشيء عدا انهم "أناس يتطهرون" ... انهم لا يشبهون "مجتمع الفسدة"، الذي عاش يتمعش من ريع الدولة، لا يضايقهم فيه أحد زهاء قرن ونصف ... يدخلون "بالقطارة" من يرضون عنه، ويقبل قانون اللعبة، ويشنون حربا قذرة على من عاداهم ...
وكان من حربهم القذرة، ان يوصموا خصومهم بما فيهم من الفساد والإفساد ... وقد نال أخي الصحبي عتيق مبكرا، ومنذ مشاركة النهضة في السلطة، من الدعاية السوداء والنهش في عرضه وذمته ما نال ....
كنت مرة أشرب قهوة مع صديق، وكان معه رجل له معه مصلحة، وانجر الحديث كالعادة عن النهضة .... وانطلق صاحبنا يتحدث عن فساد النهضة، مركزا هجومه على الصحبي عتيق، ملقيا بالاتهامات خبط عشواء، ويتحدث حديث الواثق مما يقول، وكانه رأى كل ذلك رأي العين....
قلت له متسائلا أنت تعرف الصحبي شخصيا؟ قال لا ولكن يعرفه كل الناس، ويعرفه جيرانه وابناء حيه، وعندي اصدقاء من هناك ... قلت له: ألا تعلم انك تتحدث مع شخصين لم يسمعا عن الصحبي، وإنما يعرفانه كما يعرف الأخ اخاه ... معرفة السنين الطوال ... معرفة المعاشرة اللصيقة ... سكنا معه أيام العزوبية، وعملا معه سنين وسافرا معه ... و"اكلا الحلو والمر" معه ... كل ما تقوله من نسج الأفاكين الضالين المضلين ... نحن نعرف الصحبي معرفة بلغت القدرة على معرفة ما يجول بخاطره وليس فقط ما يقوله وما يفعله ...
الصحبي عتيق قلب موصول بالله، يصدق فيه في احيان كثيرة وصف الرسول "المؤمن غر كريم" ...
الصحبي عتيق ابن مدرسة المأثورات والصيام والقيام والحب والعطف ... ولم يزده دخوله للجامعة ومواجهته للحركية الفكرية فيها غير إنارة عقله بما انفتحت عليه الجامعة من المدارس الفكرية داخل الصحوة الاسلامية وخارجها ...
الصحبي عتيق وهب حياته لفكرته ولم يغير ولم يبدل، وتولى المهمات الكبيرة في اصعب فترات المواجهة مع النظام، واعقد فترات العمل في الدولة من خلال ترؤسه لكتلة حركة النهضة.
الصحبي عتيق ورث من موطنه مطماطة عزة النفس والجلد والصبر، وزادته الحركة الاسلامية في بواكيرها على ما عنده، طاقة عارمة من دماثة الخلق، وطهارة القلب، وسعة الصدر، وغامر الحب للناس كل الناس، والترفع عن الدنيا ومغرياتها ...
الصحبي عتيق "هربت به" مهماته الحركية قبل الثورة والسياسية بعدها، وحرمتنا من طاقته الفكرية العميقة والمتوازنة، والتي كان سيكون له بها إسهام مقدر لو تمحض للفكر والبحث ...
ضمنا منتصف 89 إلى خريف 90 المكتب المضموني للحركة، الذي كان يقوم على المهمة الفكرية ... تقدمنا برئاسته خطوات واعدة، انقطع حبلها مع تصاعد المواجهة مع النظام ...
لم يلبث طويلا حتى تلقفته السجون التي تركها بعد أكثر من 15 عاما ... لكنه خرج ليواصل المسيرة من جديد، وليساهم مساهمة متقدمة في إعادة بناء الحركة من خلال ترؤسه لمجلس الشورى، ومساهمته في التقييم، وفي المسار السياسي الذي توج بالثورة.
لقد نال الصحبي من الأذى ما هو أهل له ... فذلك هو درب المصلحين والصالحين ... فأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ... لكنهم ما دروا أنهم كانوا يؤذون "رجلا قال ربي الله" ... ورجلا يحب اهله وإخوانه ووطنه وامته ... يحتسب كل ما يصيبه عند الله ...
والقلب العامر بذكر الله وباليقين فيه وحسن الظن به لن يهزم أبدأ ...
سلام عليك أخي الشيخ الصحبي في سجنك ... إن موعدك النصر و موعدهم الخزي والعار ... "ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله" ...
تاريخ أول نشر 30/9/2023