لا يحتاج السوريون وقياداتهم الثورية ونخبهم دروسا من أحد ... فقد جربوا وخبروا وتابعوا عن كثب مصير ثورات الربيع العربي الأخرى ... وقد أدركوا أن وحدتهم هي السلاح الأمضى، وأن تسامحهم مع من لم يشرب من دمائهم حتى الثمالة ولم ينهب خيراتهم حتى آخر فلس واجب وطني لا يتحقق وئام من دونه ...
رسائل مطمئنة جدا أرسلها أحمد الشرع، وانضباط محمود من قوات الثورة وكتم للغيض نقلته العدسات بكل وضوح ... وسرعة في المسك بالنظام العام بالقدر المتاح ... كل ذلك يدعو للتفاؤل ...
لكن الثورة تتربص بها قوى الشر من كل جانب، ولن يبقى من الاصوات المرحبة من هنا وهناك إلا القليل ... هذه ثورة ... هذه حرية ... هذه كرامة ... هذا استقلال ... وكيف لمن لازال يقهر شعبة ويسومه سوء العذاب ... وكيف لمن سطا على الثورة وأعاد العسف والحيف والنهب والظلم ... وكيف لمن ملأ السجون وكتم الحريات وانقلب على الدستور وأهان الأحرار ... كيف لأولائك من حكام العرب أن يفرحوا بالثورة ... وأن يسكتوا عنها ... وأن يتوقفوا عن التآمر عليها ؟؟؟؟
لا يخامر عقل أي عاقل شك في أن أولائك سيكونون خناجر مسمومة، وأفاعي نهاشة، وعقارب لساعة، في جسد الثورة، وسيسخرون لذلك كل ما يملكون، وسيتعاونون مع كل متربص بالثورة، وأولهم الكيان الصهيوني ... تماما كما فعلوا مع غزة ....
في حوار كان أجراه المناضل الوطني حسين التريكي رحمه الله، سألته الصحافية عن آخر ما يريد قوله في خاتمة اللقاء .... قال رحمه الله إن الصهيونية التي خبرتها جيدا في أمريكا اللاتينية، لن تترك الربيع العربي يسير في اتجاه ما يحقق طموح الشعوب، وستعمل على ضربه ... وكلنا تابع حصول ذلك ...
وقد وجدت الصهيونية في فلول الثورة المضادة، من نخب بائسة، ودول تابعة، ما حقق لها ما تريد ...
أما الثورة السورية في كرتها الثانية وإسقاطها لبشار، فلم تمهلها الصهيونية يوما، ولم تنتظر تحقيق برنامجها عبر وسطاء السوء، بل تقدمت مباشرة وضربت ولا زالت تضرب المواقع الحيوية في دمشق وكامل سوريا ... تلك المواقع التي لم تقربها في عهد البعث البغيض .... لا بل إنها الآن على بعد 20 كلم من دمشق !!!!
للسوريين أن يفرحوا وحق لهم ذلك ... لكن يبدو أنه مكتوب عليهم أن لا يضعوا أسلحتهم، لأن عدوهم بدأ خطته ويريد أن يميل عليهم ميلة واحدة ... لم يترك لهم وقتا ليلتقطوا أنفاسهم ...
لا شك أن الغرب وإسرائيل لم يغمضا أعينهما أمام جحافل المجاهدين وهم يحررون المدن السورية بتلك السرعة اعتباطا ... ولعلنا أمام توافق مصلحة - تم بطبيعة الحال ومن دون شك بدون اتفاق - بين عدوين لدودين: الشعب السوري وقواه الثورية من جهة، والكيان وداعميه من جهة أخرى ... وجد الاثنين مصلحتيهما في إسقاط بشار ... لكن المصلحتين متضاربتان ...
كلنا مع السوريين أحرارا وسوريا حرة ... وكلنا سنكون معهما وهم يثبتون الحرية والكرامة في أرضهم ...
وسنكون معهم دفاعا عن حقهم وانتصارا لهم ضد أعدائهم وعلى رأسهم الكيان الصهيوني ... فنصر سوريا نصر للامة ...
سوريا قلب الأمة الذي لا يقل تأثيرا استراتيجيا عن تأثير مصر ....
فاللهم ثبت الأقدام، ووحد الصفوف، وسدد الرمي، وسدد القصد ... واهزم الأحزاب والأصنام والأزلام...
تاريخ أول نشر 2024/12/10