search

القنبلة انفجرت فماذا نحن فاعلون ؟

القنبلة الأفريقية انفجرت ولم تعد موقوتة، ومن هنا فصاعدا ليس امامنا إلا معالجة مخلفاتها ...

هذه القنبلة زرعت بتواطئ بين قيس والجيش من جهة، والجزائر من جهة ثانية، وايطاليا والاتحاد الاوروبي من جهة ثالثة.

الثلاثي قيس، تبون، ميلوني، هم على رأس العصابة التي خططت لزرع القنبلة في الجسد التونسي المنهك.

تكفل قيس بتوريط الجيش والامن، وبإثارة غبار الإلهاء والتعمية عن الجريمة، بالضرب على كل ممكنات التصدي لها داخل مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء، وأيضا بضرب المعارضة، وتوظيف الإعلام، وإشاعة حالة الخوف والرعب من خلال قانون 54 وغيره، وإطلاق يد كل مجرمي الادارة من مخلفات نظام التجمع في كل مفاصلها وخاصة في اللأمن والقضاء الذين أفلتوا من المحاسبة.

وقد قام سعيد بكل مناورات الكذب والخداع، مثل تلك التصريحات التي أطلقها في البداية حول الأفارقة بأنها مؤامرة تستهدف تغيير التركيبة السكانية، من أجل توجيه النقاش ورد الفعل، للإيهام بوقوفه ضد الظاهرة، في حين لم يتعد الأمر استعمال الورقة للمقايضة في معركة أشبه بالتمثيلية، استسلم فيها طائعا لشروط القوي فيها وهي اوروبا بقيادة إيطالبا، وأتوقع أن الجزائر قد لعبت في ذلك دور المشجع على الاستسلام من أجل المصالح الجزائرية الكبرى مع إيطالبا.

لا بل إن الجزائر لم تكتف بذلك، بل فرضت على قيس القبول بتدفق المهاجرين من حدودها حتى لا يبقوا على أرضها . تدفق شاهدته عيانا في طريق سبيطلة سيدي بوزيد، وشاهده كل متابع، والفيسبوك ممتلئ بالفيديوات التي توثق ذلك. وكل ما فعلته الجزائر أنها تخلصت من مشكل المهاجربن، بتأمين طريقهم إلى تونس، مقابل إغراء قيس بدعم انقلابه، والسكوت على انتهاكاته، ومقايضته باستمرار تزويده بالغاز، وتحمل عسر قدرته على خلاص ديونه. وفي نفس الوقت العمل لصالح إيطاليا الشريك الاستراتيجي للجزائر، بمساندتها لدى قيس بقبول اتفاقية مجحفة تحولت بها قوات الجيش التونسي إلى حراس للسواحل الايطالية، وتونس إلى معسكر إيواء المهاحرين على حساب السلم الاجتماعي في تونس ... الفيسبوك يعج بالفيديوات التي توثق ما تقوم به السلطات البحرية التونسية التي تقبض على المهاجربن في عرض السواحل الإيطالية وترمي بهم في ميناء صفاقس ليشكلوا بؤر توتر على جميع الأصعدة في أحياء ومناطق بأكملها على رأسها منطقة العامرة التي احتلوا حقول زيتونها ...

كل حديث يتجاوز هذا الجذر المشترك لجربمة زرع القنبلة هو مساهمة في الجريمة وفي توسيع مضاعفات إنفجارها.

نحن أمام جريمة خيانة عظمى قام بها الانقلاب وعلى رأسه قيس سعيد، وكل من تواطئ معه متعللا بتنفيذ أوامره، وعلى رأسه الجيش والأمن والإعلام والبرلمان وأحزاب الانقلاب وتنسيقياته، ومنظمات المجتمع المدني المتواطئة معه بالتأييد أو بالسكوت المخزي أو بتلهية الرأي العام بالمعارك الإيديولوجية الوهمية على حساب المصالح العليا للبلاد.

لا مجال لغض الطرف عن الدور التخريبي القذر الذي يمارسه النظام الجزائري، والذي يتجاوز مسألة التخلص من مشكلة المهاجرين على أرضه، من خلال عدم تحمل مسؤولية حراسة حدوده لمنع تدفقهم، ومن خلال تسهيل عبورهم إلى تونس ... إنه يتجاوز ذلك إلى إغراق تونس في مشكلة ذات آثار اجتماعية واقتصادية وسياسية وديبلوماسية لن تزيد إلا في ارتهانها للقوى الإقليمية والدولية ...

للأسف يجب أن تقول بوضوح أن الجزائر وبالضبط الطغمة العسكرية الحاكمة، رأت منذ البداية في ثورة تونس ضربا لمصالحها، وقد عملت منذ البداية على محاصرتها، وانخرطت في تغذية الأحداث الإرهابية بها، بل هناك اتهامات صريحة بالتورط في الاغتيالات التي حدثت، ولم يغطي ذلك تلك الانحناءة الاولى لعاصفتها والتظاهر بمساندتها خاصة زمن عبد العزيز بوتفليقة، وقد وجدت الفرصة سانحة في الانقلاب وها هي ترد الثأر .

لا حاجة لتأكيد الأطماع الأوروبية وخاصة الإيطالية. وقد وجدت شعبوية ميلوني في شعبوية قيس ضالتها، وحققت رغبتها التي لم تكن تحلم بها في أي يوم من الايام ....

لو كان للمعارضة عقل راجح لكانت هذه القنبلة التي زرعت في الجسد التونسي المنهك، مبررا كافيا لتوحدها وتجاوز خلافاتها، فهل أن انفجارها الآن غير كاف بعد لنفيرها، من أجل إنقاذ تونس من خيانة الرئيس المؤتمن واعوانه، وغدر وتآمر الجار القريب، واستغلال وتخريب عدو الأمس واليوم؟

أعلم أن جر الشعب لمواجهة اللاجئين مخطط خبيث، وعواقبه لا تقل عن وجودهم اللاشرعي والفوضوي. ولذلك فإن المواجهة المطلوبة لهذا الخطر الجاثم، هي مواجهة من زرعه ومكن له وهو الانقلاب، وعلى رأسه قيس سعيد وأعوانه ممن ذكرت ...

على الشعب أن يخرج في مسيرات واحتجاجات منظمة وحضارية، ولكنها واثقة ومصممة ومستعدة لمواجهة كل محاولات تحويل وجهتها إلى ردود فعل فوضوية وعنيفة تجاه الممتلكات العامة أو الأفارقة الذين ليسو هم أصحاب الخطيئة الأصلية ، بل هم ضحايا كما تونس والتونسيين.

تاريخ أول نشر 2025/3/16