search

المجتمع المدني!

منظمات المجتمع المدني التي انتشرت بشكل متصاعد في بلدان العالم الثالث منذ أواسط الثمانينات، وخاصة بعد سقوط جدار برلين، ثم تعاظم دورها مع بداية الألفية الثالثة، لم تكن عملا بريئا، برغم الصورة البراقة التي أحيطت بها و"الجهد العلمي والأكاديمي" لتثبيتها وتقديمها كرافعة للمجتمعات الديمقراطية.

ربما كانت في بعض البلدان الغربية قد لعبت ذلك الدور، لكنها في المجتمعات غير الغربية، وفي بلداننا العربية والاسلامية، كانت بالأساس مؤسسات لممارسة التأثير الغربي في مجتمعاتنا ودولنا، نظرا للنتائج السلبية التي منيت بها الدول الغربية ومؤسسات التسويق الليبرالي والعلماني لقيمها من خلال تعاملها مع مؤسسات الدولة، ولصعوبة وعدم قانونية التمويل المباشر للأحزاب.

كثير من تلك المنظمات لم تكن في الحقيقة الا واجهات لمساعدة احزاب بعينها ولممارسة التأثير فيها وبها سياسيا واعلاميا.

اعلم أن بعض الدول التي تحارب منظمات المجتمع المدني لا تحاربها لأنها تريد الديمقراطية والشفافية واستقلال القرار الوطني، ولكن فساد نوايا وممارسات الدول تجاه تلك المنظمات، لا يعني أنها هي كمنظمات ذات أجندة وطنية، وتعمل بشفافية، وتسعى لاستقلال القرار الوطني.

أعلم أيضا أن بعض مؤسسي تلك المنظمات المحلية، يريدون الاستفادة من تلك المنابر، ويرغبون في استثمار إمكانياتها للصالح العام، ولكن ذلك لا يبرر الانخراط في أجندة المنظمات والدول المانحة التي هي بالاساس تعمل من أجل التدخل القيمي والسياسي في بلداننا وترفع شعارات براقة باسم القيم الكونية.

إن المطلع على جبال الأدبيات "العلمية والأكاديمية" والدعائية لـلمجتمع المدني ولمنظماته من جهة، وإلى ممارسات تلك المنظمات وأجنداتها على الأرض من جهة أخرى، لا يمكن أن ينخدع بما يروج لها.

والمتابع لكثير من الدول الغربية وحتى غيرها، يلاحظ أنها جعلت "شبه قانون" أنها تقدم مساعداتها في شكل تمويلات للمجتمع المدني ... وكل ذلك ضمن الخطة التي نراها واضحة جلية عندما نتناول دور منظمات المجتمع المدني وبرامجها برؤية كلية.

تاريخ أول نشر 2025/1/6