search

المقاومة ومرجعيتها ... لماذا يدس البعض رأسه في الرمال؟

لا أريد أن أنغص بمقالي هذا على أحد، ولا أدعو إلى احتكار أي شي سواء كان فكرة أو عملا ... ولا أنكر حتى على من "يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض" ... لكنني لا أستسيغ، بل لا أتحمل، أن يغمط الإنسان الحق، ويتجاهل الواقع، ولا ينسب الفضل لأهله ...

أن تكون حركة المقاومة الإسلامية حماس، وأولى وأحرى جناحها القسامي "إسلاما سياسيا"، بل مولودا شرعيا تحمل كل جيناته بصمة "المدرسة الإخوانية"، فهذا ما يعرفه كل المعرفة خصومها الألداء في العالم، ولا يمكن أن تخفى على أي متابع لتاريخ وحاضر هاته الحركة ذلك.

كل من يعرف الحركة ودرس تاريخها، ويتابع بعين الفاحص المتبصر كل ما تقوم به وما ينتج عنها، من أنشطة جهادية أو سياسية أو إعلامية أو اجتماعية، لا يمكن أن يخالطه أدنى شك في انتمائها لتلك المدرسة.

ليس عيبا أن يقول الإنسان أنه مع هذه الحركة في أشياء وأنه ليس معها في أخرى، وأنه يأخذ منها ويرد، فالحركات كما الأفراد ليست معصومة. لكن كل ذلك ممكن، دون أن تلبس على الناس الأمر، وتحاول إشعارهم بأن هاته الحركة، ليست تلك التي يعرفها الناس، ويعرفها الخصوم والأعداء قبل الأصدقاء والحلفاء.

هاته الحركة إنما استمدت وتستمد كل "قوتها" من إيمانها بالاسلام أولا، منهجا للحياة في كل حال وحين، ومن إيمانها بالرؤية التأسيسية التي بنى عليها مؤسس حركتها الإمام الشهيد حسن البنا، وبكل الاجتهادات التي أفرزتها مسيرة تلك الحركة الأم، حتى وصلت إلى المرحلة التي أصبحت فيها هي كفرع من تلك الشجرة، لها اجتهادات وإضافات في مجال العمل والجهاد على مختلف الأصعدة كما لغيرها من الأفرع الإخرى كذلك.

ربما سيعدني الكثير ممن سيقرأ هذا الكلام متعصبا، لكنني بكل صدق أجتهد في تجنب كل ذلك، وآيته أنني لا أستنكف أبدا من أن أنسب الفضل لإهله، حتى ولو كانوا أعدائي وليس فقط خصوم أو مجرد فرقاء الطريق.

ولا أنكر أن في الحركة الاسلامية متعصبون، وقد يبلغ بهم الأمر إلى أن لا يروا الحق أبدا إلا معهم. ولكن ذلك لا يمنعني أيضا من قول الحق، وهو أن الحركة الاسلامية مع كل ذلك كانت هي الأكثر ايجابية في التعامل مع الآخر، سواء بنسبة الفضل إليه، أوالتعلم منه، أو الاستعداد للشراكة معه في ما ينفع الناس. وأزعم أنني اطلعت على تجارب الحركة الاسلامية في مختلف البلدان، ورأيت أنهم كانوا دائما الأسرع للكلمة السواء، والأكثر استعدادا للتنويه بفضل الآخرين. وقد وجد ويوجد داخل التنظيمات والحركات الأخرى شخصيات ورموز اتصفت بالانصاف والاستعداد الكبير للتعاون والانفتاح، ولكن ذلك كان محدودا لا يكاد يذكر عندما يتعلق الأمر بالتنظيمات لا بالأفراد سواء كانت "قومية" و"يسارية" و"علمانية" و"مدنية"، وحتى ان وجدت بعض المبادرات كالمؤتمر القومي الاسلامي وغيره، فسرعان ما تنتكس المبادرات بعد أن تكون قطعت أشواطا واعدة، ويكون الطرف الآخر هو الذي يبادر بالانسحاب أو يجمد المبادرة.

بقي أن أقول أن الإخوة الذين ينتفضون كلما تحدثنا على المرجعية الاسلامية لكل اللحظات المضيئة في تاريخ أمتنا، ومنها ما نشاهده على ساحة غزة، بدعوى احتكار الاسلام، والحديث عن الصراعات الإيديولوجية ويعتبرونها هي سبب المشكلة، أقول لهم ألا يكفيكم هذا دليلا على أن هذه الأمة لا يجمعها ولا يحركها ولا يفجر طاقتها إلا عقيدة شعوبها ومرجعيتها التي لم تقلح كل جهود الاستعمار والدول التي اصطنعها في تخليها عنه، ألا يكفي هذا دليلا كي تنفضوا عنكم "حلولا مستوردة" منبتة، وتلتحموا بالاسلام، وتنزعوا عن الاخوان وغير الاخوان "احتكاره"؟

تاريخ أول نشر 2025/1/25