search

بعد انهيار الدولة ..هل تتحرك المؤسسة العسكرية لإنقاذ البلاد



عاد الحديث بأكثر حدة خلال المدة الأخيرة عن دور محتمل للمؤسسة العسكرية لإنقاذ البلاد من الانهيار الشامل الذي يتهددها خصوصا مع حالة الانقسام الحاد الذي يشق الساحة السياسة وحالة الاحتقان الاجتماعي نتيجة تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلاد وهو ما ذهبت اليه مجموعة الازمات الدولية في تقريرها الأخير حيث حذرت من صراعات مميتة في تونس نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

فأي دور محتمل للمؤسسة العسكرية والأمنية في انقاذ البلاد من الانهيار امام فشل الأحزاب السياسية؟

أي دور للمؤسسة العسكرية في " انقلاب سعيد ؟

تعتبر المؤسسة العسكرية التونسية المؤسسةُ الأقل انخراطا في الشأن السياسي الداخلي من بين المؤسسات العسكرية العربية، إلا أنها وجدت نفسَها أمام تحديات مستحدَثة فرضتها تداعيات ما يُعرَف بـ"الربيع العربي"، ليصبح الجيش التونسي يواجه تحديا جديا بين الإبقاء على دوره المدني الجمهوري أو الانزلاق، ليصبح فعليا طرفا سياسيا فاعلا في تونس.


وقد ازدادت ثقة التونسيين بالمؤسسة العسكرية التونسية في العشرية الأخيرة؛ بسبب حرصها على اتخاذ موقف حيادي، وعدم التدخل في شؤون الحكم، مكتفية بالمراقبة واحترام الشرعية والدستور والانتخابات، ما عزّز الفكرة السائدة عن الدور الحيادي للجيش في الحياة السياسية.

هذه السمعة التي اكتسبها الجيش التونسي بدأت بالتأكل بعد الزج به في معترك الصراع السياسي ما جعل الجيش يلقى انتقادات واسعة، خاصة بعد اتخاذ قيس سعيد لما أسماه بـ"الإجراءات التصحيحية، يوم 25 يوليو 2021 التي اعلن عنها بحضور ومباركة من المؤسستين العسكرية والأمنية التي كانت حاضرة بقياداتها العليا لحظة الإعلان عن البيان رقم واحد كما كان الانتشار السريع لوحدات الجيش وتمركز آلياتها العسكرية في محيط البرلمان ومحيط المقر الحكومي بالقصبة دليل إضافي على انخراط المؤسسة العسكرية في العملية السياسية و اصطفافها

حركة بررها قيادات في المؤسستين العسكرية والأمنية، بينهم الجنرال كمال العكروت المستشار العسكري والأمني للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الذي اعتبر ان "غالبية الشعب والنخب والقيادات العسكرية والأمنية فرحت بقرارات 25 يوليو، لأنها لم تكن راضية عن التجاذبات السياسية داخل البرلمان والحكومة".

 فيما قال العميد مختار بن نصر رئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الإرهاب السابق أن تلك الإجراءات يمكن تفسيرها بـ «شرعية قيس سعيد الانتخابية والسياسية» وصلاحياته باعتباره رئيساً للدولة وقائداً عاماً للقوات المسلحة والمسؤول الأول عن إنقاذ البلاد

ما أقدم عليه الجيش التونسي جعل لجنة الاعتمادات في الكونغرس الأمريكي تتخذ قرارا في افريل 2022 بتخفيض المساعدات العسكرية لتونس من 112 مليون دولار الى 61 مليون دولار

وهو ما يعني إقرارا أمريكيا غير مباشر بانخراط المؤسسة العسكرية التونسية في مساندة الانقلاب على المسار الديمقراطي، وهو ما أكده وزير الدفاع الأمريكي "لويد جيه أوستن" خلال حفل تغيير القيادة الأمريكية في أفريقيا، حيث تعمّد الحديث عن الشأن التونسي في سابقة خطيرة فقال؛ "إن الجيوش يجب أن تؤدي دورها المشروع في الدفاع عن حقوق الإنسان"، مشددا على أنّ "الجيش وجد لخدمة شعبه لا لإسقاط الحكومات المدنية أو الانغماس في الفساد".

المؤسسة العسكرية واحتمال تدخلها لاعادة الديمقراطية

طالب الصحفي صالح عطية في تصريح لقناة الزيتونة اجراء حوار مع المؤسسة العسكرية والأمنية باعتبارهما جزءا من مؤسسات الدولة وذلك في إطار كتلة تاريخية تضم الأحزاب والمنظمات الرافضة لمسار 25 يوليو إضافة الى ممثلين عن قوى إقليمية دولية يهمها الشأن التونسي

واكد عطية ان أي تغيير سياسي لا يمكن انجاحه الا بتدخل من المؤسسة العسكرية التي يحتمي بها قيس سعيد

فيما دعا الرئيس الأسبق الدكتور المنصف المرزوقي في تصريح لقناة الجزيرة المؤسسة العسكرية والأمنية الى التمسك بالشرعية ووقف ما سمّاه “التراجيديا الكبرى” التي تعيشها البلاد، في ظل حكم الرئيس قيس سعيد.

كما طالب الأمين العام السابق للتيار الديمقراطي محمد عبو المؤسسة العسكرية التدخل وعدم مسايرة الرئيس قيس سعيّد وعدم السماح له بتدمير البلاد. حسب تعبيره.

رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة المعتقل منذ افريل 2023أكد السبت  21 جانفي 2023 خلال لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة ان المؤسسة العسكرية لن تترك البلد تنهار مشددا على انها تقف دائما الى جانب الدولة ومصلحة الشعب مؤكدا ان الجيش التونسي ليس جيشا انقلابيا او طامعا في السلطة التي كانت مرمية بين يديه خلال ثورة جانفي 2011 ولكنه رفضها التزاما بحياده وتمسكا بعقيدته."

من جهته رفض الأمين العام للاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي أي دور للمؤسسة العسكرية او تدخل في الشأن السياسي داعيا الى وقوفها على الحياد مشددا على انه لن يرضى "إلا بحكم مدني نابع من إرادة شعبية عبر صناديق الانتخابات، في استحقاقات انتخابية ديمقراطية مستوفية الشروط.

بات من المؤكد ان مساندة المؤسسة العسكرية العبث بالدولة ومؤسساتها ودفعها للانهيار الشامل بات حملا ثقيلا ومأزقا مؤرقا، كما ان قيادته تعلم جيدا ان تدخلا مباشرا له في العملية السياسية بمعنى استلام السلطة سيتسبب في مزيد عزلة البلاد دوليا. وهذا ما سيجعل المؤسسة العسكرية في امتحان صعب خلال الأيام والأسابيع القادمة من اجل منع انهيار الدولة والقيام بدوره في حماية المؤسسات دون التورط في انقلاب عسكري قد يؤدي الى مزيد التأزيم والانهيار.