عاد بن كيران أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية على اثر انتخابه في المؤتمر الاستثنائي للحزب أمس السبت 30 أكتوبر 2021.
المؤتمر الاستثنائي كان مؤتمرا انتخابيا لا مضمونيا ... جدول أعماله أساسا كان انتخاب أمانة عامة جديدة للحزب.
لكن انتخاب الامانة العامة وخاصة الأمين العام يعتبر في حد ذاته اختيارا لتوجه الحزب المستقبلي .... والعودة لانتخاب بن كيران تعني أن الحزب مستمر في خياره : الاصلاح في خدمة الملكية.... لم يقدم بن كيران ما يشير إلى مراجعة لخيار الحركة .... كل ما سيحصل هو عودة "نبرة" بن كيران و"قفشاته" و"مماحكاته" مع "الحكومة واحزابها" ... و "التحكم" الذي هو في حقيقته "المخزن" ... وبن كيران يبتعد قصدا عن استعمال مصطلح المخزن ... لكن المخزن يعلم جيدا أنه يقصده ....
مراهنة بن كيران على الاقتراب من الملك التي فشلت كتكتيك سابق ووقف المخزن سدا منيعا أمامها، لا يبدو أنه يمتلك غيرها ..... لذلك قلنا انه عاد بلا جديد ....
بن كيران يتقدم للامانة العامة في وضع أضعف بكثير مما كان عليه في السابق .... بدون كتلة برلمانية وبدون وجود في الحكم وبحزب فقد تمويله الحكومي الكبير ... والأهم من كل ذلك بحزب مثخن بالجراح الداخلية .
واذا كان بن كيران قد ابتعد عن ترشيح "صقور" في فريقه كأفتاتي وحامي الدين رغبة في تجنب الصدام المباشر مع المخزن فإن ذلك لن يجعل المخزن يغير من سياسته في التعامل مع الحزب ومع بن كيران ذاته .... والغالب أن المخزن سيمارس اساليبه المعهودة في تضييق الخناق على بن كيران وعن الحزب .... وما سيساعده على ذلك الخطوط الحمر التي وضعها بن كيران لنفسه والتي لا يستطيع الخروج عنها .... سيبقى بن كيران يصارع "التحكم" دون أن يجرؤ على تسميته باسمه الحقيقي الذي هو المخزن لا بل هو الملكية ذاتها وتلك احد اهم نقاط ضعفه.
على الصعيد الداخلي وعلى غير العادة التي تميل الى نوع من التوافق من خلال تواجد جميع الاجنحة، اختار بن كيران فريقه ممن يدينون له بالولاء أو على الاقل ممن لا يعارضون خياره واسلوبه وشخصه. و تخلص من صقور الحزب المعارضين له والذين كانوا العمود الفقري للامانة العامة السابقة وهم : العثماني ويتيم ورباح والرميد والداودي ... وان كان لا يخلو اختياره من مناورة حيث عوض رباح بابنته جهاد .
هناك تقليص لحضور الشيوخ وخاصة الرموز التاريخية في الامانة العامة مقابل جرعة شبابية.... ومع ذلك فقد حافظ على نوع من التوازن من حيث الاستمرارية حيث بقي حوالي نصف ممن كانوا في الامانة العامة السابقة على مواقعهم فيها ....
لا شك أن بن كيران سيضفي على الحزب مسحة من الحيوية المرتبطة بشخصيته وسيعمل من خلال "مشاكساته" من وضع الحزب في واجهة الحركية الحزبية لكنه لن يذهب بعيدا بحكم القيود التي يفرضها عليه خياره السياسي العام الذي لم يغير فيه شيئا برغم الانكسار الكبير الذي أصابه لا بل الانسداد الذي وصل إليه.
كما لم يستفد الحزب من تجارب سابقيه لم يستفد ايضا من تجربته وعودته لبن كيران تعني أنه فقد فاعلية التجدد شأنه شأن بقية الاحزاب الاسلامية التي لم تخرج عن الفضاء الابستيمي للمعارضات العربية الاخرى ولم تستقبل الربيع العربي برؤية تناسبه ... فقط كانت وجها آخر من وجوه "السيستام" الذي كان من الطبيعي أن يفشل ....
تاريخ أول نشر 2021/10/31