إطلعت على مقال خالد الكريشي عن كتاب الصديق الكاتب والشاعر بحري العرفاوي العشرية الحمراء : محنة الإسلام السياسي.
بعد شكره على الإهتمام والكتابة ففي ذلك رغبة أكيدة في الحوار، ورغم تأكيده أنه سيتناول المحتوى تناولا أكاديميا فهو لم يلتزم بذلك منهجيا، ورغم تأكيده أنه سيفصل بين الكتاب والكاتب فهو لم يفعل لأن في ذلك لزوم ما لا يلزم. كما أنه إدعى الحياد والموضوعية كما لو أنه نزع إنتماءه مؤقتا فهو ينفي عن الكاتب الحياد والموضوعية بسبب إلتزامه الفكري.
زعم أن الكتاب مؤلف جماعي لأنه احتوى ملحقا ببعض النصوص وهذا مخالف للواقع ومخالف لتعريف المؤلف الجماعي، وهو يعترف بأن عدد صفحات الملحق لا تبلغ عشر عدد صفحات الكتاب، فكيف يصر على ما ذهب إليه موهما بأن تماهيا في الأفكار بين النص وملحقاته في حين أن الكتاب قراءة نقدية لمرحلة تاريخية بكل ما تعنيه القراءة النقدية؟
أعتبر أن الأستاذ خالد قد تسرع على الحكم على الكتاب بأنه تحويل للمجرم إلى ضحية.
بل أنه هو الذي يتبنى قراءة لا تاريخية تنفي دور باقي الفاعلين السياسيين والإجتماعيين سلبا وإيجابا، ولا يرى على مسرح الأحداث إلا النهضة وبقية مكونات الإسلام السياسي، وكأن البقية مفعول بهم لا دور لهم إلا الخضوع لإرادة النهضة التي فعلت بهم الأفاعيل.
تحدث الأستاذ خالد عن الإسلام السياسي بلغة الجمع وتجاهل الفوارق وهذا التلبيس مقصود، متجاهلا أن النهضة كانت في صف الدولة وتحالفت مع العلمانيين المعتدلين ورفضت العنف والإقصاء وااتكفير والتخوين.
وعلى الأقل كان هذا خطها العام، وقبلت بالحوار وبالتوافق ولو بالتضحية بمواقع نالتها بالإنتخاب، في حين كانت مكونات أخرى منسوبة للمرجعية الإسلامية ترفض الإنتخابات وترفض الشراكة مع العلمانيين وترفض قوانين الدولة وترفض الخط السياسي للنهضة ونهجها التوافقي والمرحلي.
فكيف يضع الأستاذ خالد الجميع في سلة واحدة؟
ولو كان ما ذهب إليه صحيحا لرأينا جبهة إسلامية ضد باقي الأحزاب والتيارات وهو ما لم يحصل.
ولست أدري لو أن الأستاذ البحري وضع في عنوان كتابه كلمة تيار الهوية عوض الإسلام السياسي، ومعلوم أن حركة الشعب من ضمن تيار الهوية الذي يضم من ذكرهم الكريشي تحت مسمى الإسلام السياسي فماذا يكون وقتها موقف الأستاذ خالد ؟
هناك أطراف لم تدخل بعد النقد الذاتي في أدبياتها وتعودت نصب المحاكم لخصومها ولأنها تمددت في الفراغ الذي تسببت فيه محنة الإسلاميين وخاصة محنة حركة النهضة في عهود الإستبداد لذلك إنخرطت في لعبة الثورة المضادة واستطابت سقوط الصرح الديمقراطي الذي لونته بالسواد حتى تطمس حروفه وبصمة بناته
ورغم أن الأستاذ خالد الكريشي رجل حوار وصوت ديمقراطي من داخل جبهة الجحود والإنقلاب على نتائج الصندوق، فإن مسعاه لتعزيز مركزه في معركة التموقع في الخارطة القومية جعله يركب موجة المزايدة والإنكار والتعميم ...
مياه كثيرة جرت تحت الجسر، وآن الأوان لتعديل البوصلة نحو المساحة المشتركة لتيار الهوية، من أجل صياغة مشروع وطني مستقبلي عبدت الطريق إليه عملية طوفان الأقصى.
تاريخ أول نشر 2024/6/11