search

حركة الشعب ... إنها لا تعمى الأبصار

ما فعلته قيادة حركة الشعب يمكن فهمه بسهولة اذا تم استقراء التاريخ القريب خاصة انطلاقا من مرحلة بن علي . اذا كان اليسار الاستئصالي وفي مقدمته الوطد ومتطرفو بقايا حركة آفاق قد اختاروا استراتيجيتهم بأن يكونوا يد بن علي ورجله وعقله الشيطاني وقلبه الاسود الحقود لمواجهة الاسلاميين . فإن حركة الشعب والقوميين المتحزبين عموما قد اتخذوا استراتيجية استغلال فراغ الساحة من الاسلاميين لينتشروا في مفاصل الدولة ويغنموا مواقع التأثير دون ان ينخرطوا علانية في ان يكونوا راس حربة النظام . فدخلوا كل جحر من جحور النظام ومنظمات المجتمع المدني "الوطنية".

فقد كانوا في التجمع وفي احزاب السلطة وفي احزاب المعارضة وفي مفاصل الدولة بل وفي الاتحاد العام لطلبة تونس ضدا على موقفهم التاريخي الذي اشتهروا به. قامت الثورة وهم جزء من السيستام ينعمون بخيراته في جميع المواقع مع ما يقتضيه رد الجميل من مساندة له يقوم بها الطيف المؤهل لذلك في المواقع المعلومة كالمركزية النقابية وحزب الأينوبلي وغيره.

الثورة ارجعت للساحة غريما كانوا يستمتعون ببعض منابه في غيابه، وأظهرت حجمهم الشعبي المحدود .

تشابك علاقاتهم الماضية و "حقدهم" على غريمهم القديم/ الجديد جعلهم موضوعيا ونفسيا لا يجدون حرجا في عودة تحالفهم القديم بل و ليتحول من تحالف موضوعي الى تحالف مباشر .

أفهم أن العقل السياسوي التونسي يقول لماذا احرم نفسي أنا من التحالف مع النظام السابق في حين يفعل البقية ذلك وخاصة الغريم اللدود؟.

لكن الا يَرَوْن ان اصطفافم مع أسوء ما في بقايا النظام لا يعود عليهم الا بالوبال ؟!

ثم الا يعقلون أن غريمهم اللدود قد ذهب مضطرا الى بعض بقايا النظام القديم لانه لم يجد قوة داخل البرلمان يتحالف معها، فلما هيّئت لكم الظروف التواجد فيه بعدد مناسب لصناعة تحالف أعلن استعداده اللامشروط لذلك وقدم من التنازلات ما يشهد عليه الجميع؟

لن يحتاج النهار الى دليل .... فقد اختارت قيادة حركة الشعب أن تصطف وراء "أسوء نسخة" من النظام البائد، على ان تقاسم غريمها اللدود " اللقمة الحلال "... فزقوم " العدو" أشهى من طعام يشاركني فيه غريمي ولو كان ابن عمي... وهي حالة عربية تتكرر في التاريخ و نشاهدها الان بصور صارخة.

عقل قيادة حركة الشعب هو نفس عقل نخبة الاستئصال اليساري : تامل ما تفعله وما تدعو النهضة اليه واتجه مباشرة الى نقيضه ولو كان ذلك سيقودك الى أعداء امتك !!

هم طبعا لا يعني انهم يقبلون بان يخدموا أعداء امتهم، لكنهم يَرَوْن أن مواجهة الغريم أولى من مواجهة العدو .... ورغم ان تجاربهم وتجارب غيرهم أثبتت انهم لم يفعلوا شيئا ذَا بال بهذا الخيار السياسي غير التمكين لاعداء امتهم، الا انهم مصرون على عدم استيعاب الدرس!

تاريخ أول نشر 2020/6/5