صديقي التركي رجل معروف بانتمائه لحزب العدالة والتنمية، وبانتمائه قبل ذلك لأحزاب اربكان ... وقد تولى في عهد العدالة والتنمية مناصب سياسية وإعلامية، وهو أحد قنوات التواصل مع العالم العربي، ولا سيما الحركات الاسلامية ... يجيد العربية ويظهر من حين لآخر في المنصات الإعلامية ...
جمعتني به مناسبة قريبة كان لي فيها معه حديث مطول ...
بادرته بعتاب تمنيت فيه على الرئيس على الأقل إذا كان يقدر انه لا يستطيع ان يفعل اكثر مما يفعل فليصمت ولا يهدد ويتوعد كل يوم تقريبا والوضع يزداد سوء مع ذلك.
قال لي اعرف أنكم العرب لستم راضين على تركيا، وتريدوننا نحن ان نحل محلكم ... نحن على وعي بمسؤوليتنا، بل إننا نرى ان فلسطين سلبت منا في عهدنا، فقد احتلت وهي جزء من خلافتنا ... نحن لم ننس ذلك ولن ننساه ... والمعركة قادمة لا محالة ... ونحن لها ... لكن هل ترى أن ذلك يبرر عجزكم وتخاذلكم انتم العرب شعوبا وحركات وحكاما؟
قلت له بالطبع لا يبرر ذلك قطعا ... ولكن ها هي إيران سلكت سلوكا آخر ... قال لي هناك اختلاف كبير في استراتيجية العمل بين تركيا وإيران تبعا لاختلاف مسارات البلدين ...
قال لي ما تقوم به تركيا أكبر مما تقوم به إيران على جميع الاصعدة، وتأثير تركيا اقوى من تأثير إيران ... وسيأتي وقت تكشف الحقائق ...
لم تتوقف تركيا عن بذل كل ما بوسعها لأجل غزة وفلسطين، ومنذ السابع من أكتوبر حاولت بكل الطرق وجود منفذ، وتقدمت بمشاريع للدول الاسلامية، وللدول العربية، وللدول المعنية الكبرى العربية، ولدول الطوق، وللسلطة الفلسطينية ايصا، وكل محاولاتنا باءت بالفشل ... قطعنا علاقاتنا مع إسرائيل بما فيها العلاقات الاقتصادية والتجارية، وكل ما يقال حول عدم قطع العلاقات هو محظ كذب، لأنني أثق ثقة عمياء في وزير التجارة، الذي أكد لي ان علاقاتنا مقطوعة، علاوة على أنه من أكثر المدافعين عن القضية الفلسطينية ومن أشد السياسيين زهدا في المناصب، وقد ارغمه أردغان إرغاما على قبول الوزارة. غاية ما قد يكون اعمال تحايل في استعمال السفن، أو استعمال شركات فلسطينية في إسرائيل، وحتى هذه فقد اغلقنا الباب عليها، مع العلم وان هناك قوانين في التجارة الدولية وعقوبات لمخالفتها ...
قلت له أعرف إن أردغان محرج من الشارع التركي، ولذلك فهو مضطر للحديث، ففاجأني قائلا على العكس، أردغان هو الذي يحرض الشعب التركي بحديثه، ومع ذلك فتستطيع ان ترى من خلال حجم المظاهرات ان التفاعل متواضع على عكس ما قد يتبادر لك.
واردف قائلا انتم تغفلون عن حقيقة، وهي ان الشعب التركي منقسم انقساما كبيرا ... صحيح أن أردغان يحكم هو وحزبه من أكثر من 20 عاما، ولكن هذا لا يعني انه مطلق اليد، ويستطيع ان يفعل ما يشاء، دون أخذ موقف الشعب التركي في الحسبان، وخاصة امام معارضة لم تتوقف ابدا عن حبك المؤامرات، ومد يدها لكل راغب في إسقاط أردغان ولو أدى ذلك إلى تدمير تركيا ...
وعلى كل فالكلام في السياسة له وزنه ايضا وتركيا واردغان لم تتوقف عن دعم القضية، وصرحت وتصرح بأن حماس حركة مقاومة وتلتقي زعماءها على أعلى مستوى.
لكنني أطمئنك أن المعركة قادمة مع الكيان لا محالة، لأنه قد توفرت منطقة تماس لا يمكن السكوت فيها، ولن يحول بيننا وبينهم حائل.
التقيت بالمناسبة نفسها فلسطينيين لهم نفس العتب ... ولا يستسيغون قبول أي عذر من أي كان، ما لم يهب لإيقاف الإبادة وكسر الحصار ووقف حرب التجويع ... ولا يمكن لعاقل ان ينتظر منهم غير ذلك ...
هل أنني اقتنعت بكلام الصديق التركي؟
لا اكتمكم القول انه برغم تغليبي حسن الظن، فإنني لم اقتنع، وقد يكون لأنني أقرب إلى شعور الفسطينيين ... فامام الصور الحية لا تصمد أي حجة ...
والله غالب على امره ...
تاريخ أول نشر 2025/9/7