search

حول صحة الوثيقتين اللتين تم الكشف عنهما من طرف قناة الزيتونة

تابعت ردود الأفعال على تسريب الوثيقتين:

  • مذكرة تفاهم بشأن شراكة استراتيجية وشاملة بين الاتحاد الأوروبي okوالجمهورية التونسية التي وقعت بتاريخ 2023/7/16.
  • اتفاق حكومي مشترك للتعاون في مجال الدفاع بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية التي وقعت بتاريخ 2025/10/7.

ومن الطبيعي أن يختلف الناس حول ذلك. لكن ما هو غير طبيعي أن ينخرطوا في النقاشات الجانبية على أهميتها ويترك صلب الموضوع.

أولا: ليس ما جاءت به الوثيقتين غير معلوم في عمومه، فقد تداولت أقلام ومتابعين متخصصين أغلب إن لم يكن كل ما ورد في الوثيقتين، عدا بند السرية وخاصة في اتفاقية الهجرة مع الاتحاد الأوروبي الذي بدا لافتا جدا.

ثانيا: ليس هناك ضرر في مناقشة مدى صدقية الوثيقتين للوصول إلى حكم قطعي ذو طابع فني وقانوني وقضائي وبعضه أطنب فيه السيد كمال الشارني الصحفي والكاتب المعروف، ولكن ذلك لا يجب ان يحرفنا عن المسك بلب الموضوع، ألا وهو أن هناك اتفاقيتين تم توقيعهما من وراء الشعب التونسي، وحتى من وراء المؤسسة البرلمانية الشكلية التي شكلها قيس بعناية لتقوم بـ "الوظيفة البرلمانية" ... من هذه الزاوية، يعيد التسريب السؤال المركزي وهو: أين الوثيقتين؟ ولماذا لم تنشرا في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية؟ ولماذا لم تعرضا على المؤسسات المخولة شكليا للإنابة عن الشعب التونسي، صاحب السيادة الوحيد الذي له وحده حق التقرير في المسائل السيادية ومنها الاتفاقيات الدولية والثنائية واتفاقيات الدفاع المشترك وما إلى ذلك، كما أنه الوحيد الذي له حق الموافقة على عقود استغلال ثروات أرضه كذلك حق الموافقة على الاقتراض للدولة التونسية لأنه هو الذي سيدفعها باعتباره دافع الضرائب الوحيد، وهو الحق الذي ضمنه دستور 2014، وتم بموجبه نشر كل عقود تنقيب واستخراج النفط والغاز التونسي وغيرها من طرف الوزير منجي مرزوق، كما أن برلمان 2014و2019 بادر اعتمادا على الدستور المناقشة والمصادقة على العقود وتمديدها وكذلك الاتفاقيات والقروض.

هذا هو الواجب الذي علينا التمسك به كرد فعل على التسريب: الكشف عن الوثيقتين الرسميتين الموقعتين. ولو لم يكن للتسريب مزية غير إعادة تمحور الاهتمام حول هذا لكفاه ذلك فخرا. ومعه قناة الزيتونة وحصتها اليومية حصاد 24.

ثالثا: إن قيسا نفى التسريب، وهو نفس ما فعله عندما تم تسريب وثيقة انقلابه في 2021 قبل الانقلاب بحوالي شهرين، وغرق الناس في النقاش الفني، ثم ظهر في ما بعد صحة ودقة ما ورد في التسريب، ولم تكن الوثيقة من الناحية الشكلية الفنية والتقنية والقانونية قابلة لأن تكون حجة دامغة. ولكنها ليست بدون حجة، وأنه لا يمكن تعضيدها بقرائن أخرى ترقى بها إلى مستوى الحجية القانونية عند عرضها على الجهات القضائية. أما من الناحية السياسية فلا تحتاج بالضرورة لكل ذلك.

رابعا: إن انتفاء بعض المواصفات في الوثيقتين من مثل التوقيعات والأختام لا يقوم دليلا على عدم صحتهما، بل إن ذلك بالعكس ما يقوي صحتهما، لأن شرط السرية المطلق لهما، وحصر تداولهما يجعل اللجوء إلى نسخة قد تكون النسخة ما قبل التوقيع ممكنا، أما إلنسخة الموقعة فإنها بحصر تداولها تجعل كل إمكانية لتسريبها عرضة للكشف عن مسربها وبالتالي الخطر المنجر عليه من ذلك.

خامسا: التسريبات في العالم تنطلق من مسارات مشابهة وبأدوات مشابهة، والمهم فيها هو مركزة الإهتمام حول القضية الأساس، وهو الضغط من أجل نشر الوثيقة الأصلية.... ونحن الآن نقول لقيس: انشر الوثيقتين الأصليتين ما دمت تكذب ما نشر.

سادسا: السلطة وأعوانها وأذنابها يتقنون جر الرأي العام بل وجر القوى المناهضة للانقلاب إلى المواضيع الجانبية، والطبقة السياسية للإسف تقع فريسة ذلك.

سابعا: نقدر وضع القمع المسلط على المناضلين في تونس الذي لا يسمح للكثيرين الخوض في قضايا تجعلهم يخضعون لسلطة المرسوم 54. لكن أن لا يقدروا على الكلام في الموضوع لا يجعلهم ينخرطون في جوقة تشتيت الرأي العام، والانخراط في القضايا التافهة أو التي لا ترقى من حيث قيمتها لموضوع الوثيقتين، من نوع الحبر الذي "سال أنهارا" للتعليق على خروج فئة لا تتعدى 0,03% من 12 مليون تونسي في مسيرة الانتصار لقيس ومنظومته، فهؤلاء ضحاياه قبل أن يكونوا أنصاره، وهم أجدر بالرثاء منه إلى التنمر عليهم فضلا عن ترذيلهم وترذيل الشعب التونسي من ورائهم كما يفعل البعض مع الأسف الشديد.

الخلاصة : من يشكك في الوثيقتين اللتين عرضتهما قناة الزيتونة، وتداولت مضمونهما الكثير من الأقلام وحتى مراكز بحث ووسائل إعلام أخرى فليكشف عن الوثيقتين الأصليتين.

تاريخ أول نشر 2025/12/19