search

حين يكون الاستفتاء آلية لضرب الديمقراطية وأداة لفرض الوصاية ...

الاستفتاء من أخطر آليات ضرب المسار الديمقراطي اذا لم يسيج بشروط تحميه من أن يتحول إلى أداة لطعن الديمقراطية....

وكنت استمعت الى حوار سليم اللغماني المختص في القانون الدستوري الذي قال: "الاستفتاء ليس آلية ديمقراطية" ... وهو كلام مهم ودقيق ويزيل الغشاوة عن كثير من الناس الذين تغريهم فكرة أخذ رأي الشعب مباشرة على انها أرقى الطرق الديمقراطية.

وكلام اللغماني في محله ... ذلك إن الاستفتاء الذي هو إجابة عن سؤال بنعم أم لا ... أو اختيار بين خيارين لا يمكن أن يكون له معنى إلا في القضايا الجزئية ... أو في المشاريع التي تم إحالتها على مؤسسة منتخبة تمثل حساسيات المجتمع المختلفة مثل البرلمان وهي التي بعد التداول يمكن أن تقدم عملها للاستفتاء عليه من طرف الشعب حيث يأخذ الاستفتاء معنى التزكية.

لذلك كانت الطريقة التي أجاز بها الدستور ممارسة الاستفتاء من حيث وجوب عرضه على البرلمان أولا طريقة حكيمة.

إن الذين يدفعون بقيس الآن لاستعمال آلية الاستفتاء بدون قيد أو شرط ... أو الذين يدفعونه الى تشكيل لجنة اعداد دستور بشكل انتقائي .... إن هم إلا إقصائيون و يمارسون الوصاية على الشعب بل يعتدون على سيادته ... فضلا عن أنهم يتجاهلون بجرة قلم دستورا أنتجه الشعب التونسي من خلال نوابه الذين مثلوا بحق أطياف المجتمع جميعها وتم اختيارهم في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وبقانون انتخابي كان مناسبا لذلك حتى يكتب دستور لا يظلم فيه أحدا .... وهو دستور حضي بما يقارب الاجماع من طرف النواب ولو عرض على الاستفتاء - وليتهم فعلوا - لحاز نفس النسبة التي حازها في البرلمان ...

دستور 2014 ليس قرآنا منزلا ولكنه دستور كتبه الشعب التونسي عن طريق ممثليه الذين اختارهم في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ولا يجب أن يطاله التغيير إلا بممثلين له كما الذين وضعوه ... وكل اعتداء عليه بإلغائه أو تعديله من طرف رئيس منقلب وأعوان له ينصبهم بهواه هو اعتداء على الشعب التونسي نفسه .... وكل استفناء يقام لأجل ذلك إنما هو حيلة مفضوحة لإلباسه لبوسا ديمقراطيا زائفا ...

تاريخ أول نشر 2021/9/10