كانت حربا حقيقية، بكل ما في الحرب من إرادة التدمير وفرض الاستسلام. وبكل ما في الحروب من تكتيكات ومناورات و"تفاهمات".
الذي أشعل الحرب كان له هدفان: ضرب القدرة النووية لإيران، وإسقاط النظام. وقد خطط لذلك تخطيطا كبيرا، لعل أهم ما فيه هو الاختراق الاستخباري، الذي لعب دورا مركزبا في قطف الرؤوس القيادية والاكاديمية بشكل مربك كميا ونوعيا. استطاعت إيران ان تصمد، وان تكشف عن انه ليس القدرة النووية فقط هي مصدر الخطر، بل القوة الصاروخية التي حققت على الأرض اختراقا مهما على مستوى القوة. حيث وضعت إسرائيل امام حالة عجز حقيقية لجعل الحرب خارج الأرض التي تغتصبها كما هي عادتها، وتكبدت خسائر لا زالت غير معلومة بدقة، ولكن الجزء الظاهر منها كاف ليقول أن إسرائيل القديمة انتهت.
الأطراف كلها وعلى رأسها إيران، أدارت المعركة بذكاء وبعقل بارد، بعيدا عن الخضوع للاستفزاز. وهذا ما يظهر في طريقة تنفيذ الأهداف في المعركة. كلها تقريبا خضعت لحساب المآلات. كان بإمكان إيران ان تضرب اهدافا حيوية أشد إيلاما وتدميرا، لكنها لم تفعل. ونفس الشيى بالنسبة للطرف الآخر .
حساب الربح والخسارة ينظر إليه من زاوية هدف كل طرف، ومدى تحققه، وتحولات ميزان القوى في نهاية المعركة.
هدفي إسرائيل الرئيسين لم يتحققا بصمود إيران، وهذا يعكس المعادلة ويحسب انتصارا لإيران وهزيمة لإسرائيل. لكن إيران تضررت بشكل واضح ومكلف.
استباحة أرض العدو التي كانت محصنة يحسب لصالح إيران أيضا، وكذلك خسائرها في الأرواح والممتلكات والبنى والاقتصاد، وهي التي كانت تدير حروبا "نظيفة" من هذا الجانب قبل طوفان الأقصى.
من الناحية الاستراتيجية تعتبر المعركة إضافة لطوفان الأقصى من حيث تغيير معادلة ميزان القوى مع العدو. لكن نتائجها القرببة للأسف بعيدة عن تحقيق تحول في الوضع الإبادي في غزة. كما هو ظاهر لا يبدو أن غزة جزءا من المفاوضات التي تمت، أو التي ستتم بين الأطراف الرئيسية. بل لربما ستكون على حسابها، من حيث ان إيران ستكون في وضع من يلملم جراحه، ويستدرك تكاليف معركة دامية، وسيكون ملف غزة اول ما ستكون مجبرة على إلقائه عن كاهلها.
وتبقى غزة لا بواكي لها ... في محيط من الاستسلام العربي للعدو، والاستعداء العربي الرسمي على المقاومة و فلسطين وقوى الربيع العربي وعلى رأسها الحركات الاسلامية وخاصة حركة الإخوان المسلمين ...
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
تاريخ أول نشر 2025/6/24