search

ستعود النهضة للحكم ... بعز عزيز أو بذل ذليل

كتبت منذ اكثر من سنة نصا عنوانه "لن يبرح الاسلاميون الساحة"... وأكتب اليوم هذا النص ليس انتصارا حزبيا و لا حركيا ... وإنما استقراء للتاريخ وقراءة أحسبها موضوعية لمسار النهضة وخاصة في تجربة الحكم.

ستعود النهضة لأنها ظلمت و لم تظلم.

ستعود النهضة لأنها ارتكبت أخطأ و لم ترتكب خطايا.

ستعود النهضة لأنها انتصرت على فتنة المال العام، ولم تمتد أيدي أبنائها إليه لا سرقة ولا استغلالا.

ستعود النهضة لأنها انتصرت على فتنة السلطان، فلم تمارس التعذيب، ولم تنتهك حقوق الاسان، وإن وقع شيئ من ذلك في فترة مشاركتها الحكم فبغير رضاها.

ستعود النهضة لأنها لم تؤذ أحدا، ولم تتآمر على أحد، واختارت المصالحة والتوافق وخفض الجناح، و تحملت الحيف والظلم الذي أصاب أبناءها، ولم تعمل على افتكاك حقوقهم المشروعة.

ستعود النهضة لأنها ستتعلم من أخطائها و ستتدارك نقصها.

ستعود النهضة لأنها تعلمت من مشاركتها في الحكم، وخبرت كيف تدار الدولة.

ستعود النهضة لأن الشعب سيكتشف أنها كانت ضحية دعاية سوداء، قائمة على الكذب والخداع والظلم والتآمر بالليل والنهار.

ستعود النهضة لأن الشعب سيدرك أنها لا زالت عنوان الثبات الأخلاقي.

ستعود النهضة لأن الشعب سيتأكد أنها لا زالت هي الحامل لمرجعيته القيمية ولمبادئه الاسلامية.

ستعود النهضة عندما يلمس الشعب أنها تطهرت وأزالت ما ران عليها من الخبث، وأنها استدركت أخطاءها، ونضجت بدائلها، وامتلكت مقومات القوة والقدرة على الانجاز.

ستعود النهضة لأن الشعب سيدرك أنه لا يتعامل مع ملائكة، وأن أخطاء النهضة وأخطاء أبنائها بشرية وأن حجمها طبيعي.

ستعود النهضة لأن كل باحث عن المصلحة في الداخل والخارج سيراها الأقدر على ضمان ذلك.

ستعود النهضة برغم استمرار خصومها في العمل ضدها وبنفس الوسائل الخسيسة .... لكن ميزان القوى حتما سيتغير ... لأن عشرية الحرية والانتقال تركت بصماتها برغم كل محاولات الطمس ... ولأن الانقلاب سيكشف بفشله الذريع الصورة المضيئة للنهضة.

ما أقوله ليس حتمية تاريخية ولكنه المسار الطبيعي للتاريخ ...

حركات التاريخ ذات البعد والمقوم الأخلاقي قد تنهزم في معركة ولكنها لن تخسر الحرب ...

ولأن الطلب الاجتماعي يضل دائما في أعماقه طلبا قيميا أخلاقيا.

والنهضة ولدت استجابة لذلك الطلب الاجتماعي، وفي معاركها الكبرى التي خاضتها كانت وفية له، ومعركتها الحالية - معركة الديمقراطية - تأتي في صلبه.

النهضة نداء ضمير مجتمع مسلم ... هكذا كانت ... وهكذا ستبقى ...

النهضة أجيال من المناضلين الذين دفعوا الغالي والنفيس ... وبذلوا المهج والأرواح ... وتركوا متاع الدنيا وراءهم ...

النهضة قوافل الشهداء في سبيل الله وفي سبيل الحرية والكرامة ...

النهضة أجيال أحرار شبوا وشابوا على قيم الحق والخير والجمال، وأرضعوها أبناءهم، وأشاعوها بين أهليهم وجيرانهم وزملائهم بالسيرة المرضية، والجهاد المرير، والعمل الدؤوب، والقول الحسن .... هل يمكن أن يذهب كل ذلك هدرا والله سبحانه يقول "وما كان الله ليضيع إيمانكم"؟ كلا وألف كلا ...

النهضة أكبر من حزب بل أكبر من حركة .... قد تختفي تلك العناوين .... وقد يختفي بعض رموزها ... لكنها ستبقى البديل الأقرب لواقع الاحتلال الداخلي والخارجي ... وأمل التحرير والتحرر.

النهضة عنوان حيوية مجتمع مسلم ... وتعبير صادق عن وسطيته ... واستعداده لاحتضان أطيافه، انتماء لكياناتها، أو مشاركة وتعاونا وتوافقا على الاستقلال والخير والاصلاح ...

ستعود النهضة أقوى وأنضج وأقدر على العمل والاصلاح والنهوض ... وما على أبنائها إلا تجديد النية والإخلاص لله والتوكل عليه والثقة في النفس والعمل الجاد والصبر الجميل ....

تاريخ أول نشر 2023/10/1