search

طلابنا وطلابهم!

ما يحدث في الجامعات الغربية وخارطة توسعها التي تتسع يوما بعد يوم، شيئ يتجاوز الخيال ... انتفاضة حقيقية ... بل تمرد حقيقي ... واستعداد للتضحية لم نكن نتوقعه ...

ربما كان مفهوما أن يقدم الطلاب على التظاهر والتمرد دفاعا عن حقوقهم الخاصة أو في أقصى الحالات عن حقوق مواطنيهم ... أما أن ينتفضوا ويتمردوا دفاعا عن فلسطين وعن غزة فهذا ما صدم اللوبي الصهيوني المزروع في كل زاوية من زوايا العالم الغربي وخارجه ...

كل برامج غسيل المخ بل والإنفاق على الجامعات الغربية وعلى طلابها بالأخص من أجل تثبيت السردية الصهيونية كحقيقة لا تقبل الجدل بل وكحقيقة تستحق التضحية والفداء تبخرت وكأنها لم تبذل فيها جهود فكرية ودعائية جبارة ولم تنفق فيها أموال طائلة ...

كل حملات التشهير والتهديد والتضييق والترويع على حاملي السردية الفلسطينية المقابلة من عرب ومسلمين وأمريكيين لم تفلح في القضاء عليها بل ها نحن نراها تغزو كل المواقع وكل المجالس وكل المنابر .... سقطت الترسانة الإعلامية الجبارة التي تبثها كبرى القنوات التلفزية وكبرى المجلات وكبرى الجرائد .... بل وافتضح زيفها وكذبها وتلفيقها القصص وانحيازها الفاجر وتعديها على كل القيم الصحفية التي كانوا يزعمون تقديمها دروسا لمن سواهم ...

لكن المثير للدهشة بل المذهل هو ما يقدم عليه الطلاب من استعداد للتضحية ودفع الثمن ... لم يكتفوا بلا مبالاتهم أمام قمع البوليس الوحشي واقتيادهم لمخافر الشرطة ونسج الأكاذيب حولهم وحول ما وجد عندهم من وسائل الإدانة المضحكة، بل سخروا من قرارات طردهم وتشويههم وتهديدهم بعدم قبولهم للعمل بعد التخرج والتشهير بهم عن طريق نشر صورهم ومعطياتهم الشخصية .... كل ذلك لم يرهبهم ولم يفت في عضدهم بل ازدادوا تصميما وإصرارا على مناصرة غزة وفلسطين ... لقد تجاوزا شعار: أوقفوا الحرب، ورفعوا شعار: تحرير فلسطين.

لم يتركوا وسيلة من وسائل النضال، بل إنهم في كل لحظة يبتدعون وسائل جديدة .... وكانت الخلاصة أن أقر العدو الصهيوني والأمريكي بأن إسرائيل خسرت معركة السردية ... ومن خسر معركة السردية فلن يضفر بما وراءها.

لم يوقف الطلاب التهديد ولا العقوبات ولا مصيرهم المهدد بل إن كل الانتهاكات التي تعرضوا لها زادت من إصرارهم وصمودهم واستعدادهم للمزيد.

تمرد طلاب الغرب يطرح على طلابنا أسئلة حارقة:

لماذا هم متخلفون عن ركب المساندة الفاعلة لغزة وفلسطين؟

هل أن طلاب الغرب أقرب نسبا وموقعا وقضية منهم لغزة وفلسطين؟

هل أن فلسطين وغزة لا تستحق منهم التضحية التي يقوم بها طلاب الغرب؟

كيف ينتفض طلاب الغرب دفاعا عن قيم الحرية والكرامة ويتخلفون هم عنها؟

كيف ينتفض طلاب الغرب في جامعات النخبة وأغلبهم من أبناء الطبقات العليا الذين نشأوا في النعيم المقيم، ويتخلف الطلاب العرب والمسلمون الذين من المفروض أنهم الأكثر استعدادا للشعور بالظلم والاضطهاد وأن نجدتهم للمظلوم أسرع خاصة إن كان منهم وإليهم بل ويدافع نيابة عنهم عن أرضهم ومقدساتهم ؟

لماذا يسيطر الوهن على الطالب العربي المسلم وتشتعل صدور طلاب الغرب دفاعا عن فلسطين وغزة؟ من يستمع لقوة حجة الطلاب الغربيون في السوشل ميديا وفي المنابر الاعلامية وفي الحوارات الساخنة يصدم حقيقة في حجم الوعي والاصرار والحماسة والتحدي.

لماذا يسيطر الخوف على الطالب العربي والمسلم بينما يتقدم الطالب الغربي بشجاعة ولا ترهبه عصا البوليس ولا الاقتياد لمخافر الشرطة ولا الطرد من الجامعة ولا التشهير ولا التهديد الجدي بحرمانه من العمل؟

ما الذي أحيا ضمير الطالب الغربي وأمات أو يكاد ضمير الطالب العربي المسلم؟

لماذا لا يعتبر الطالب الغربي سياسات حكوماته وإعلامه وأخطبوط النخب المتصهينة والقمع الذي يواجه به عائقا يمنعه من الدفاع عن الحرية لفلسطين ويجعلها الطالب العربي المسلم حجة يتكئ عليها لتبرير تخلفه عن الحضور في معركة الحرية التي لا يوجد أقدس منها؟

لماذا تنادي أشواق الفطرة ... فطرة حب الخير والحق والجمال ... فطرة الانتصار للعدل والحقوق ... تنادي تلك الأشواق الطالب الغربي فيهب إليها بقلبه وعقله وكل جوارحه وتموت عند الطالب العربي المسلم الذي من المفروض أن واقعه البائس وكون قضية فلسطين قضيته تجعله أكثر إقبالا وأكثر استعدادا لكل أنواع المساندة ؟

لا ننكر صور الإحباط في واقعنا ولكن متى كان الواقع البائس بوصلة الشباب والطلاب للقعود والتخلف ... وهل هناك رفض أو ثورة أو حتى معارضة تتم في غير واقع الظلم والفساد والتخلف والهيمنة والقمع .... وإلا فعلى ماذا سيثور الإنسان ؟ وماذا سيغير ؟

هل سيبقى ينتظر أن يتحرك الكبار والشيوخ ليمشي وراءهم ؟ ومتى انتظر الشباب كباره ووصل إلى غايته؟ وإذا حصل ذلك فسيصلها إن قدر له ذلك ولكن بعدما تكون الغاية قد ازدادت بعدا عن موقعا الذي كانت فيه.

الأصل أن الظلم والقهر والقمع تستثير كل إنسان ولكنها تستثير بل تثور الشباب أكثر ... فمتى يستفيق شبابنا من غفوته؟ ومتى ينهض من عثرته؟ ومتى يلبي نداء فطرته وربه وأمته؟

تاريخ أول نشر 9\5\2024