search

على هامش حوار السيد محمد القوماني

استمعت إلى حوار مع السيد محمد القوماني قدم فيه رؤيته للوضع في تونس وموقفه من قيس سعيد وما قام به وكذلك من المعارضة ومبادراتها.

يفرق السيد محمد القوماني بين الموقف من الانقلاب حين حدوثه والمخرج منه.

ويرى أنه إذا كان ما حدث انقلابا فإن الخروج من الانقلاب لا يكون إلا بالطريق الديمقراطي وهو الانتخابات.

والسؤال البديهي والبسيط : أي انقلاب يقبل بأن يزاح ديمقراطيا ... لا بل أي انقلاب يقبل بأن يتنافس ديمقراطيا مع من انقلب عليهم؟

السيد محمد القوماني نفسه قدم لنا توصيفا لقيس سعيد أستطيع تلخيصه بشكل محايد نوعا ما "أنه شخص لا يؤمن إلا بذاته".

فعن أي انتخابات يمكن أن نتحدث؟ نحن رأينا كيف أجرى قيس سعيد الاستشارات والاستفتاءات والانتخابات وكيف عبث بالهيئة المستقلة للانتخابات.

السيد محمد القوماني من دون أن يعي قدم الاطروحة الواقعية المقابلة للانقلاب حيث قال: "من ينهي خصومه بالقوة فهو يفتح الطريق لأن تنهى حياته السياسية بالقوة والعمليات الانتقامية لما يسمى بالعشرية ستفتح الطريق للانتقام ممن يتولون مقاليد السلطة الآن."

حدثني صديق كان من مقربي قيس سعيد بل كان احد مهندسي حملته الانتخابية في الدور الثاني أنه في أول لقاء جمعه به في قصر قرطاج بعد استلامه الحكم بأيام قلائل، قال له من دون مقدمات: نحن مشاريع شهادة!

هذا الرجل لن يخرج من قرطاج إلا مغلوبا على أمره، والغالب أنه لن يخرج على رجليه، كما خرج المرزوقي أو محمد الناصر و قبلهما فؤاد المبزع... أولائك الثلاث كانوا ثمرة ثورة الحرية والكرامة، أما هو فقد جاء لنسف ما أثمرت.

أفهم أن السيد محمد القوماني يتكلم على طريقة السياسيين التونسيين، حيث يعرف جيدا أن قيس سعيد لن يقبل تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وأنما يوجه خطابه في الحقيقة للقوى الصلبة التي ساندته وتسنده.

بكل أسف أن استمرار مخاطبة تلك القوى بشكل غير مباشر، في حين أنها هي التي بيدها غالب أوراق اللعبة إن لم يكن كلها، يذكرني بما كنا نعاينه في المغرب من صراعات مستعرة بين الحكومة والمعارضة، في حين يعلم الجميع أن الحكومة مجرد واجهة وأن الأمر كله بيد المخزن وبيد الملك. وهذا السلوك كان مطلوبا من المخزن والملك و تخشى المعارضة أن تتجاوزه. نفس الحالة تعيشها المعارضة التونسية، التي تدرك أن الجيش و الامن هما من ساندا قيس ولا زالا يسندانه، ولكنها تخشى توجيه الخطاب إليهما، وإلى غيرها ممن يقفون بقوة وراء الانقلاب، أو لعل الانقلاب هو مجرد واجهة لها.

قد لا اخالف السيد محمد القوماني في توصيفه لوضع المعارضة ولجبهة الخلاص ولحركة النهضة، لكن قصور المعارضة ليس مبررا لاجتراح حلول غير واقعية، ولا تختلف في تضييعها لجهودنا، عما تفعله المعارضة، حين لا تفعل شيئا غير مساعدة الانقلاب على استنزافنا.

تاريخ أول نشر 2023/9/19