لم أشد بالفخفاخ ولم أرتح له بعد تجرئه على القبول برئاسة الحكومة وهو الذي لم ينل ثقة الناخبين لا في الرئاسية ولا في البرلمانية، وخاصة في النفس الاستعلائي الذي امتطى به صهوة جواد الحكم... ربما كنت قبل ذلك تعجبني قدرته التواصلية .... ورغم أن بيني وبينه أصدقاء ثقات أحترم رأيهم. إلا أنني لم أستوعب الجرأة الزائدة التي خرج علينا بها، وتحصنه بالرئيس بشكل غير مريح .... ولم تكن مجريات مفاوضات تشكيل الحكومة تبعث على الارتياح، ومنها الاصرار العجيب على الوزارة التي كشف المستور في قطاعها. ما زاد الطين بلة هو حجم التذاكي المفضوح الذي ظهر به عند طرح الموضوع، وسقوطه السريع في "الكذب" وهي تقريبا "الرذيلة الأخلاقية" الوحيدة التي لا ينجو عند الوقوع فيها أي سياسي في الغرب، على ما نتهمهم به من عدم اعتبار الأخلاق في السياسة. وأقصى ما عندهم في هذا المجال، هو أنه مسموح لك أن تكذب - إذ لا سلطان على إرادة الفرد - ولكنك إذا وقعت في الشرك، فاستعد لحمل أغراضك والذهاب بعيدا عن المسؤولية.
في الحقيقة ما زاد من استرابتي من الفخفاخ، هو تغاضيه عما وقع فيه بعض وزرائه قبله من الأخطاء التي لا تغتفر إلا بالإقالة، لأنها متعلقة أساسا بالفساد وتضارب المصالح واستغلال النفوذ.
سقوطه هو ووزيره المكلف بمكافحة الفساد في التبرير المبكر لممارسات فاسدة كشف في سرعة البرق الغطاء الشفاف الذي كانا يتلحفان به.
طبعا هناك من يريد إغراقنا في مقولة " الكل فاسدين" وهو عذر أقبح من ذنب ... مع أنه عند التدقيق لا يمكن تسوية أخطاء الجميع .... فليس من أقدم على شيئ بترخيص من رئيسه أو بقرار من مجلس الوزراء أو مجلس الأمن القومي كمن ارتكب خطيئة استغلال النفوذ أو تضارب المصالح ... وليس من وقع في خطأ التقدير كمن وقع في الفساد ....
أخيرا لا أدعي "العبقرية" فلئن أصبت في الفخفاخ فقد أخطأت في غيره وعلى رأسهم ذلك الذي أوقعنا الظرف في حبائله وكنا نرى "عواره" ونكذب ما نرى....
تاريخ أول نشر 2020/6/30