مهموم كغيري بما يحدث في غزة من إبادة. وقد كتبت مرات، لو استسلمت غزة بعد شهر أو شهرين من رد الفعل الصخيوني على السابع، لما لامها أحد، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ...
لكنني استمعت لأحد الغزاويين يقول: "ما يحدث في غزة أمر رباني" ... "أمر من الله" ... "لأننا كبشر لا يمكن بحال أن نصبر على يوم واحد من هول ما يحدث مما هو فوق طاقة الخيال" ... فعلا ... لقد أراحني كلامه ... فمما يستمد هؤلاء الغزاويون هذا الاحتمال وهذا الصبر وهذا اليقين ؟؟؟؟
لا شيئ يحملهم عليه إلا اليقين في الله، والإيمان بالحق الذي هم عليه، وحضور العقل والاعتبار بالتاريخ ... تاريخهم هم كفلسطينيين.
نحن أمام مشهد فوق العقل وفوق التاريخ ... نردد كثيرا، وكتب الكثيرون عن أحداث لم يرى هول أكبر منها ... لكننا موقنون الآن، أن الذي يحدث في غزة لم ير ولم يحدث هول أكبر منه ... وفي نفس الوقت لم ير شعب ولا مقاومة أكبر وأقوى وأشجع وأعز نفسا من غزة ومقاومتها ...
أجهد نفسي كثيرا كي أستمع أو أقرأ لمن يطالبون المقاومة بقبول ما يعرض عليها، بل بالاستسلام والخضوع لشروط ترامب والنتن ... وفيهم من يدرك ويقول أن ذلك استسلام، وقبول بالهزيمة، وأنه لا يثق في وعود ترامب والنتن، ولكن لا مفر لنا من ذلك، حقنا لما تبقى من دماء الغزاويين ... وحتى لو استتبع ذلك تهجير من تبقى منهم وإقامة الريفييرا الترامبية ... وأعرف أن منهم صادقون ... بل إن منهم قيادي سابق في حماس ....
لكنني عندما أستمع أو أقرأ لبعض الغزاويين، وهم بين النيران وفي أفران النار الملتهبة صامدون صارمون، لا تلين لهم قناة، ولا تنخفض لهم رؤوس، ولا تتلعثم لهم ألسن ... عندما أقرا للدكتور فايز أبوشمالة، الشيخ السبعيني، يقف شامخا كالجبل، ويتحدى الاحتلال، ويسخر من كل تهديد، ويسفه كل مخاتلات النتن وترامب التفاوضية، ويحذر المقاومة من الاستسلام، ويشيد بثباتها في المفاوضات ... وعندما أستمع للدكتور مصطفى البرغوثي بهدوئه المعتاد، يلقم كل دعي حجرا كاتما للصوت، ويسند المقاومة، ويدعم المفاوضين من حماس من خلال ما يقدم من أراء تفند كل محاولة لتجريد المقاومة من سلاحها ... عندما أستمع لهذين مثلا، وهما لا ينتميان لا لحماس ولا لتيارها الفكري ... أقول كما قال الغزاوي ... "هذا أمر رباني" ... لله فيه حكمته وقدره، ولن يكون إلا خيرا ... وكما قال غزاوي آخر : نحن في مرحلة "إنا لمدركون" ...
والجواب هو اليقين اليقين اليقين بـ " كلا إن معي ربي سيهدين".
تاريخ أول نشر 2025/9/8