search

للنصر عقاببل ... قد تكون أشد ...

الخاسر المباشر من جولة ترامب هي فلسطين وعلى رأسها غزة ... لأول مرة يمنى المفاوص الفلسطيني الحمساوي المقاوم بهزبمة، بعد أن أثبت خلال المراحل السابقة قدرة فائقة.

لا شك عندي أن ذلك تم باستدراج ساهم فيه الوسطاء بمن فيهم "الوسيط" التركي.

في المقابل حصل "تقدم" خيالي في الموضوع السوري لا شك عندي أنه تم أيضا بجهود خليحية تركية.

هل أن الجهود التي نجحت في الموضوع السوري عجزت عن ذلك في الموضوع الفلسطيني ؟

ليس العجز وحده سببا، بل للإرادة دخل في الموضوع ... هذه الإرادة التي يبدو أنها غابت حتى عن ضمان الحد الأدنى الإنساني، حتى في دفع ترامب للإلتزام بالتعهد الشفوي لفريقه برفع الحضر عن دخول المواد الغذائية وفتح الطريق لوقف إطلاق النار ... ذلك الإلتزام الذي تم في إطار تفاوض برعاية الوسيط القطري التركي.

"الاختراق" السوري الذي تنادى للتشجيع عليه بل ودعمه وتوفير الضمانات له الإخوة اللدودون في المنطقة، هل يمكن ان يكون "لوجه الله"؟ هل هو الحمية والانتصار لشعب سوريا؟ هل أن الدم السوري أغلى عندهم من الدم الفلسطيني؟

في كثير من الأحيان تلوي رغائبنا أعناق الحقائق، وتتجاهل أحيانا المسلمات، ولا تحفل غالبا بالتقديرات التي تبنى على قواعد العلم ...

يمكن اختصار السياسة التي جرى تثبيتها شيئا فشيئا ولكن بسرعة لافتة بخصوص سوريا هي سياسة الإحتواء.

لكن هذه السياسة ليست مجرد قرار يتخذ من دون مقدمات وركائز صلبة يبنى عليها ... هنا مربط الفرس ... هل هي فقط "براجماتية" أحمد الشرع ؟ ليس الأمر بتلك البساطة ... مالذي يجعل "مبس" و"مبز" يخيرون سياسة الإحتواء؟ مالذي يجعل أمريكا أيضا تفضل ذلك ؟

أسئلة كثيرة يجب طرحها وعدم الهروب من ضرورة الجواب عليها.

لا يمكن ان أصدق أن الموقف إلسعودي والإماراتي جاء لخير سوريا ... أو من زاوية أخرى جاء ضد مصالح إسرائيل وأمريكا ...

لذلك قلت ان التقدم في المشهد السوري يتم عمليا وواقعيا على حساب المشهد الفلسطيني، وهو على المستوى الاستراتيجي إن ترك له الطريق مفتوحا سيكون على حساب الأمة.

فسوريا التي ستنهض على أشلاء الفلسطينيين ستزدهر ماديا، ولكنها ستكون منزوعة الكرامة ومنزوعة القوة ... وقد لا تكون أكثر من نسخة محدثة من سوريا القديمة، ربما فقط بدون صيدنايا وفرع فلسطين والمخابرات الجوية.

لن أدخل في قراءة النوايا ولا في التفسير التآمري ... ولكن من حقي ان أقلب الأحداث والوقائع من كل وجوهها ...

ولا يعني ما أقوله أن الشرع والشعب السوري من ورائه أمامهم مساحة من الإختبارات مريحة ....أعرف كل ذلك وقد لا ألومهم في شيئ، واتفهم فرحتهم، بل إنني فرح معهم برفع العقوبات ... ولكنني أفكر مليا في ذلك الحبل الذي وضع على رقبة الشرع والشعب السوري، والذي يمسك بطرفه من لا يريد له ولا لأمته خيرا ... مهما تظاهر بذلك ... ولو كان فيهم خيرا لفعلوا مع غزة معشار ما يقومون به مع سوريا الآن وهم يشاهدون على المباشر ما شاب من هوله الولدان، وفقد من روعه الحليم الجنان، لكنهم وبكل أريحية بسطوا السجاد ورحبوا بالعرضة والقهوة ووقعوا على التربليونات وعجزوا عن زيادة تربليون آخر للتاجر ترامب لإنقاذ الدماء المعصومة من النساء والشيوخ والولدان، الذين لا يجدون حيلة ولا بهتدون سبيلا، امام الموت الأحمر الذي يتعقبهم في كل مكان وفي كل آن، وتنقل وقائعه مباشرة بما يخطف الأبصار ويصم الآذان .

ومن جهة أخرى لم تعد أذناي قادرة على سماع النشرات الاخبارية التي يرددها أردغان في كل ظهور، فضلا عن تهديداته بأن لا يترك غزة وحدها. وهي ردود أفعال لم يتجاوز اثرها التخفيض من حدة رد فعل الشعب التركي على سياسته تجاه غزة.

والحديث يطول وزواياه عديدة ... ولله الأمر من قبل ومن بعد ...

تاريخ أول نشر 2025/5/17