قالت فرقة أغاني العاشقين بعد حصار بيروت والمجازر التي طالت الفلسطينيين في تلك الأيام :
ثمانين يوم ما سمعناش يا بيروت غير الهمة الإذاعية
بالصوت كانوا معانا يا بيروت والصورة غابت في المية
فماذا حركت الصور والبث الحي في حرب غزة الآن وقد مضى على اندلاعها شهرا كاملا ؟
لم تحرك الحرب في الحكام العرب والمسلمين غير ردات فعل باهتة، لا تختلف عما سبقها، مما يجعلك تتجاوز الشك لليقين، في أنهم متواطئون على تنفيذ الإبادة مع مرتكبيها المباشرين.
الأمر يتجاوز العجز ... فالعاجز عن الفعل يمكن له أن يصرخ ... والعاجز عن الصراخ يمكن له أن يعبر عن رفضه وغضبه بألف طريقة وطريقة ... وصدق الله سبحانه القائل في محكم تنزيله: "ولتعرفنهم في لحن القول" ... خطاباتهم ومطالباتهم وتعبيرات رفضهم وتنديدهم تكشف تواطؤهم ... يستخرجونها من قاموس لغوهم ... لا يبالون بأيها يبتدؤون وبأيها ينتهون ... قد يستعملون نبرات عالية اليوم وينزلون لقاع الاستخذاء والاستجداء غدا ... مما يعني عدم جديتهم وفراغ أفئدتهم من حس المسؤولية والشهامة والرجولة.... يحددون مواعيد اجتماعاتهم وكل أملهم أن لا يأتي الاجتماع إلا وقد أنجز أسيادهم خطة إبادتهم ... هؤلاء أعداء غزة وأعداء الفلسطينيين وأعداؤنا المباشرين ... وهم عقبتنا الكؤود أمام النصر والتمكين.
حركت الصور والبث المباشر للإبادة الجماهير ... وتحركت بتلقائية معهودة ربما أكثر قليلا من المرات السابقة بفعل الصور والبث الحي للتدمير، ولكن غضبها لم يتجاوز المساحة المحددة من قبل الحكام الظلمة إلا قليلا .... لقد جاءت حرب غزة والنخب بجميع مكوناتها في أسوء حالة، ففقدت الجماهير طلائعها التي تستثمر اندفاعها نحو خطط تصعيدية، قادرة على ممارسة ضغط حقيقي على العدو وأذنابه ... رغم هول ما يرون وما يسمعون فإن كتم الغيظ تغلب على انفجاره ... ولم تجد متنفسا إلا في السوشل ميديا، التي تصدت من خلالها للآلة الإعلامية المجرمة للعدو وأذنابه ... لكن المكتوم من الغيظ أكبر من الذي وجد في السوشل ميديا طريق التنفيس ... هل سينفجر يوما ما ... بالتأكيد سينفجر ... ولكن متى ؟
ربما أهم ما قامت به الصورة والبث الحي هي هبة الجماهير الغربية، حيث برغم تنكر الغرب لقيمه في الحرية والديمقراطية في بعض بلدانه، إلا أن الجماهير خرجت غاضبة حانقة فاضحة لحكوماتها على صمتها بل تواطئها مع الكيان الغاصب ... ويظهر أن ضغط الجماهير يتصاعد مع الأيام ... إلى أين سيصل ؟ الحكومات الغربية المتواطئة تمرست على طرق المراوغة والتظاهر بالانسانية أمام شعوبها، معتمدة على عامل الوقت الذي يحقق خططها الشيطانية في الإبادة والتصفية العرقية، ومتسلحة بآلات التضيل الاعلامية التي تملك توجيه خطوطها التحريرية ... برغم أن سطوتها لم تعد كما كانت من قبل قبل ظهور السوشل ميديا ... وهي تلجأ الآن لمحاصرة الشعوب في مساحة السوشل ميديا ... لكنها لم تنجح ... إلا أن تغلقها بالكامل مما لم تعد تقدر عليه.
هكذا إذا ... أضافت الصورة والبث الحي ممكنات كشف الزيف والتآمر والتضليل، وحركت الشعوب، وأحرجت الحكام الغربيين. ولكنها لم تحرك ضمير الحاكم العربي الذي "طبع الله على قلبه" .... يملي له ... حتى يأتي وعده بالانتقام منه ... ولن يفلته ....
صمود الأبطال في ساح المعركة، وصمود الغزاويين على أرضهم، وصبرهم وتصبرهم أمام قوافل الشهداء من الأطفال والنساء والرجال، سيكسر جبروت الأعداء، وسيفضح أكثر نفاق عملائهم من الحكام الخونة .... إنه قانون التحرر والتحرير الإلهي ... فإرادة المقاومة من إرادة الله ... وإرادة الله لا تقهر ....
تاريخ أول نشر 2023/11/7