أمام الصراعات والمعارك التي يواجهها الانسان فردا كان أو مجموعة، تضل القدرة على استحضار المبادئ والقيم الموجهة من أهم التحديات التي تعترضه ... ذلك أن شدة الصراع، وسرعة احداثه، ومتطلبات التفاعل الفوري، واختناقات المسيرة الكفاحية، وتضييق الخناق عليه من قبل العدو، تجعل تفكيره في النجاة والخلاص، أو في التسلل للمواقع أو المحافظة عليها يأخذ الأولوية. وإذا تحول ذلك إلى أولوية وملكت عليه نفسه، تضمر عملية استحضاره للمبادئ والقيم الموجهة، وتنقلب المعادلة عنده ويصبح الاستثنائي هوالأصل وتأخذ اولوية النجاح الظرفي مكان اولوية الفوز الاستراتيجي بالتمحور حول القيم.
وغالبا ما يقوم الانسان بذلك ممنيا النفس بالعودة سريعا بمجرد الحصول على ما يريد. لكن احتدام المعارك، وتواصل الضغط عليه، يحول الضرورة الى حالة اختيار، وتقوم تلك الحالة بعملية "النهش" أو "القضم" المتدرجة للقيم والمبادئ تحت "حجج" عقلية ونفسية مبررة, رافعة شعارات التجديد والانفتاح والملاءمة والواقعية وما الى ذلك.
وتلك سيرة كثير من الرجال والحركات وحتى الشعوب التي تنطلق بمحمولات قيمية واضحة وناصعة وتنتهي بأسمال من اللبوس القيمي كسراويل الموضة الحديثة ما تحمله من الخرق اكثر مما تحمله من الكساء.
تاريخ أول نشر 2021/9/8